أصدر المنبر الديمقراطي السوري بياناً بتاريخ 09/09/2012 تحت عنوان " وضعنا في الوطن لا يحتمل هذا التلكؤ " وسوف نعرض أهم ماجاء في البيان قبل تسجيل بعض الملاحظات حول ما ورد فيه.
أهم ماجاء في البيان:
ذكّر البيان بأخذ المنبر على عاتقه، منذ مؤتمره الذي عقده في أواسط نيسان الماضي، مهمّة تذليل كلّ الصعوبات لجمع المعارضة السورية وتضييق خلافاتها، وأوضح البيان دور المنبر في تشكيل اللجنة التحضيريّة للمؤتمر العام للمعارضة 2-3/07/2012، وفي صياغة وثيقتي "العهد الوطني-الأسس الدستوريّة" و"الرؤية السياسيّة المشتركة". وأشار إلى مساهمة المنبر مؤخّراً في جهود خلق نواة للجنة المتابعة للمشروع الوطني المتمثّل بوثيقتي القاهرة، ووضع الأمانة العامّة للجامعة العربية بنتائج هذه الجهود.
ثم ينتقل البيان إلى وضع بعض المعوقات التي تواجه عمل نواة لجنة المتابعة أمام شعبنا، وأهم هذه المعوقات:
• وجود قوى ترغب في تجاوز التوافقات التي تمّ الالتزام بها في مؤتمر القاهرة، ولا تريد العمل على تكريسها عمليّاً.
• أولى تلك الإشكالات هي تهرّب المجلس الوطني السوري من وثيقتي القاهرة، وخروجه مع بعض الدول الداعمة بمحاولة تشكيل حكومة انتقاليّة.
• ثمّ تصويته الأخير على عدم المشاركة في لجنة المتابعة.
• كذلك غرّدت هيئة التنسيق الوطنيّة خارج سرب التوافق، وأطلقت مبادرة منفردة لعقد مؤتمر للمعارضة داخل سورية، في ظلّ القتل والقصف والإرهاب.
• التلاعب الكبير من بعض القوى والدول لتخريب الجهود القائمة لتوحيد المقاومة المسلّحة وتنظيمها في جيشٍ وطنيّ.
• ثمّ أتى أخيراً قرار مجلس الجامعة العربيّة في 5 أيلول الماضي...والذي لم يأخذ واقع الأمور بعين الاعتبار ولم يعترف بنواة اللجنة في صيغتها الحاليّة.
ويخلص البيان إلى نتيجة تقول أن الاستمرار في متابعة العمل ضمن نواة لجنة المتابعة هي ضرب من الدوران في حلقةٍ مفرغة. وبالتالي يقرر المنبر، بناءً على ما تقدّم، ومن أجل وضع كافّة أطياف المعارضة وكذلك القوى العربيّة والإقليميّة أمام مسؤوليّاتها، أنّه لا يمكنه الاستمرار بنشاطه داخل نواة لجنة المتابعة التي انبثقت برعاية الجامعة العربية..
ملاحظات على النقاط الواردة في البيان:
من المؤكد أن المنبر شارك بفعالية في المؤتمر العام للمعارضة السورية الذي انعقد في القاهرة بتاريخ 2-3/07/2012، وساهم كذلك بصياغة الوثائق الصادرة عن المؤتمر، وهذا ليس بمستغرب فالمنبر يضم مثقفين ومناضلين معروفين، بإمكانهم تقديم مساهمات معتبرة في مجال إعداد مشاريع الوثائق والبيانات، وإن كانت العملية الأصعب هي في إقناع التيارات السياسية المتعددة بما تحمله وتقدمه هذه الوثائق. وجعل هذه التيارات تتقارب في الرؤى والبرامج والممارسات. وهنا، كما لا يخفى على أحد، يصبح الأمر غير مرتبطٍ بالبراعة في الصياغة بقدر ارتباطه بطبيعة القوى السياسية، والنهج الذي تسير عليه، والأهداف التي تصبو لتحقيقها. وانطلاقاً من معرفتنا بطبيعة أطراف المعارضة السورية، وتشكيلاتها المتعددة، والاختلافات القائمة بينها، فإننا نرى أن جمعها وتضييق خلافاتها، وجعلها تنسق فيما بينها من أجل خدمة قضايا شعبنا، هو عملية في غاية الأهمية والضرورة، وفي نفس الوقت هو عمل صعب، ويتطلب جهوداً صادقة وكبيرة، تبذل بشكل خاص من قبل القوى الأساسية في المعارضة الوطنية. وكل عمل يصب في هذا الاتجاه مفيد للقضية الوطنية، ومرحب به بكل تأكيد، دون أن تساورنا الأوهام بأن الأمر سهل، وان نعد أنفسنا وشعبنا بأن مؤتمراً أو اجتماعاً يعقد هنا أو هناك، أو تحركاً في الكواليس، سيقدم لشعبنا معارضة موحدة، ببرنامج عمل مشترك ملزم لكل الأطراف. إن إنجاز عمل كهذا يتطلب وجود أطراف متقاربة في نظرتها ونهجها والأهداف التي تناضل من أجلها. كما يتطلب ممارسات ميدانية ترسخ الثقة المتبادلة بين مختلف الأطراف أو على الأقل بين الأطراف الرئيسية. وأية وعود غير ممكنة الانجاز تصبح علامات فشل تنعكس سلباً على الثقة المتبادلة بين أطراف المعارضة من جهة وعلى ثقة شعبنا بالقوى السياسية الوطنية من جهة ثانية.
لم يتمكن مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية المنعقد بتاريخ 2-3/07/2012 من تشكيل لجنة المتابعة والتنسيق وذلك لمعارضة ممثلي المجلس الوطني السوري.. على الرغم من موافقة اللجنة التحضيرية للمؤتمر على هذه التوصية. علماً أن أكثرية أعضاء المؤتمر أعربت عن موافقتها عليها ولكن الموقف المتشنج والمراوغ لمندوبي المجلس أفشل إقرارها، وفقاً لما ذكره الأخ محمود جديد، أحد المشاركين في المؤتمر عن هيئة التنسيق الوطنية، في مقال له بعنوان " خواطر شاهد عيان حول مؤتمر المعارضة السورية الأخير في القاهرة ". وقد أوضح هذا المقال الملابسات والمراوغات التي جرت في المؤتمر وحالت دون إقرار توصية اللجنة التحضيرية المتعلقة بتشكيل لجنة المتابعة والتنسيق هذه.
وفي وقت لاحق تداعت بعض الأطراف لاجتماع في القاهرة، هو أدنى تمثيلاً بكثير من مؤتمر 2-3/07/2012، وقرروا تشكيل لجنة لمتابعة المشروع الوطني، غابت عنها التشكيلتان الأساسيتان للمعارضة. فهيئة التنسيق الوطنية لم تشارك فيها كما أن المجلس الوطني السوري غير ممثل فيها إلاّ بأعضاء مراقبين. لذلك من الخطأ أن نصوّر للناس وللجهات العربية والدولية، وخاصة للجامعة العربية، أن هناك لجنة متابعة منبثقة عن مؤتمر المعارضة، وبالتالي هي تمثل لجنة مشتركة تقوم بالتنسيق أو تكلف بتحقيق التواصل بين أطراف المعارضة. هذا ليس واقع الأمر ومن الضروري أن يلتزم خطاب الأصدقاء في المنبر، وفي تشكيلات المعارضة كافة، بالوضوح والدقة.
ويبقى سؤال مشروع يطرح نفسه، ويحتاج لجواب من الأصدقاء في المنبر الديمقراطي، هذا السؤال هو : كيف تمّ عقد اللقاء في القاهرة لمناقشة موضوع لجنة المتابعة، بعد أنْ تمّ تجاوز المؤتمر العام للمعارضة المنعقد في القاهرة بتاريخ ٢-٣ تموز الماضي فكرة تشكيلها، بسبب المعارضة الشديدة لها من المجلس الوطني؟ وماهي الجهة التي بادرت لإعادة إحياء فكرة إنشاء لجنة المتابعة مرّة ثانية ؟ ولماذا كل هذا التسرّع الذي حدث دون تنسيق أوتشاور مع الآخرين؟
إن المعوقات التي ذكرها بيان المنبر والتي وجد فيها عرقلة لعمل "نواة لجنة المتابعة" هي في الحقيقة وقائع ليست متماثلة لا في طبيعتها ولا في مراميها، ومن الخطأ تصويرها وكأنها وضعت لعرقلة عمل "لجنة المتابعة". النقطة الوحيدة التي ذكرت والمتعلقة بهذه اللجنة، التي شكلها المنبر مع آخرين، هي عدم اعتراف مجلس الجامعة العربية بها.
كان من الخطأ إقدام الأصدقاء في المنبر الديمقراطي على التصرف وكأن هناك لجنة متابعة متفق عليها بين أطراف المعارضة. وهم بذلك يسقطون رغباتهم على الواقع، ومهما كانت طبيعة الرغبات فإنه لا يحق لأي طرف أن يسقطها على الواقع، ويتصرف وكأنها قائمة فعلاً. إن الأصدقاء في المنبر الديمقراطي يظلمون أنفسهم، بمحاولتهم القيام بمهام ثقيلة لم تقرها أطراف المعارضة الأساسية. وعندما يواجهون الواقع، بكل تعقيداته والقوى الفاعلة فيه، يجدون أنفسهم مضطرين للبحث عن مبررات لعدم نجاحهم بتنفيذ المهام التي تنكبوا لها. وهذا إضافةً لما يتركه من آثار سلبية عليهم وعلى أعضاء المنبر فإنه يؤثر سلباً كذلك على شعبنا الذي هو بأمس الحاجة للصدق والدقة فيما يطرح عليه من قوى المعارضة الوطنية.
نعم أيها الأصدقاء الوضع في الوطن لا يحتمل التلكؤ.. ولا الارتجال ولا تفاهمات الكواليس.