مدخل:قبل شهر ونصف من الآن كان مندوبو جماعة (سانت ايجيديو)Sant,Egidio) )الإيطالية الدينية،وذات النشاط العالمي في دمشق،لديهم بضع عشر اسما ممن ينتمي أصحابها إلى المعارضة السورية بطيف واسع نسبيا،وأمامهم مهمتان:الأولى تتعلق بالنظام وأجهزته للسماح لهم بعمل علني،ومساعدتهم في مشروعهم المتمثل بعقد اجتماع للمعارضة في روما،مع تقديم التسهيلات الضرورية بخروج الأشخاص الذين عليهم منع مغادرة من الأجهزة الأمنية،وربما تقديم ضمانات بعدم مساءلتهم أو اعتقال بعضهم عند العودة،مع ضوء أخضر من النظام بالعمل على مثل هذه الفكرة،والمهمة الثانية:العمل والحوار والتشاور مع أولئك الأشخاص المعارضين لتقريب وجهات النظر وحصرها أوليا في القبول باللقاء والسعي الجاد لعقده وجعله منطلقا لفكرة حل سياسي إنقاذي للأزمة السورية،كنتُ أحد الأشخاص الذين طلبتْ الجماعة مقابلتهم في فندق(الميريديان)وكان واضحا جدا أنهم قد سألوا وحددوا أسماء أشخاص غالبيتهم ذوي تاريخ في المعارضة الداخلية،دفعوا ثمنا كبيرا أو صغيرا في مواجهة القمع الديكتاتوري للنظام،ولديهم استعداد،أو تصورات ومفاهيم قريبة أو بعيدة تجاه الحل السياسي،أو التغيير السلمي،ولديهم بعض انتقادات تجاه مظاهر العنف في سوريا،فكرتهم تقول:أن هناك أزمة شاملة في سوريا،وهناك مؤشرات ووقائع على الإنزلاق إلى الحرب الأهلية،هم لديهم خبرات طويلة وغنية في فض عدد من النزاعات العنيفة في عدد من بلدان العالم الثالث،ويعتقدون أنه حان الوقت لمثل هذا الأمر في سوريا،ويحاولون الآن إطلاق الفكرة وبدء العمل عليها،مع طرف سوري بأشخاص ينتمون إلى عدة فعاليات وأحزاب وأطر للمعارضة،مواقفها تدور بصورة أو بأخرى حول قضية أو طريق حل سياسي وسلمي.
من الواضح أنهم تقصوا جيدا للحصول على تلك الأسماء،ومن الواضح أنهم أجروا تقاطع معلومات عليها من نفس الأشخاص،وعبر منظمات حقوقية عدة،وربما عبر الانترنت،وعبر مؤسسات إيطالية رسمية،وبسؤالي عن العديد من الأشخاص،هربت من المسائل الشخصية وحصرت نفسي بالأجوبة المحددة المتعلقة بمعرفتي بالمواقف ووجهات النظر في ميادين:مفهوم المعارضة للنظام،ومفهوم الأزمة في سوريا،ومفهوم الحلول السياسية والسلمية للخروج الآمن،وتجاوز المخاطر الكبرى التي أفرزتها الأزمة،خاصة العنف والاقتتال والحرب الأهلية والارتهان الهائل للتدخل الخارجي،ومن ثم إجراء التغيير الديموقراطي الجذري عبر الحوار الشامل بين أطراف الأزمة وفعاليات المجتمع،وإجراء مصالحة وطنية شاملة،وشجعتُ على الفكرة،وعلى توسيع دائرة الطيف المعارض،والابتعاد المطلق عن سخافة وضع أي إشارة فيتو على أحد،خاصة أنه اتضح لي أن البعض قد استخدم ذلك تجاه العديد من الأشخاص والأطر بصورة حاقدة وموقف مسبق،وعلى أساس مفاهيم ايديولوجية مزيفة وجامدة،بعيدة عن إدراك مستوى الأزمة والمخاطر والتطورات القائمة والمستقبلية.
إلى روما!لابأس طالما أن اللقاء في دمشق غير ممكن؟!عندما أجرى وفد سانت ايجيديو ذلك التشاور المتكرر معي،كانت لدي بعض معلومات بسيطة وأولية أن هناك جمعيات دينية أوروبية أخرى ،خاصة من الدانيمارك وبعض الدول الاسكندنافية بدأت تعمل على فكرة السلم الأهلي في سوريا،ومشاريع إغاثية وما شابه،وعندما كنتُ على قناعة شديدة بضرورة بدء أي فعل جاد،لتجميع قوى التغيير السلمي،وقوى الحلول السياسية،مع كامل الالتباس والغموض في هذا المصطلح الأخير،بسبب الوسائل التي يمكن أن تؤدي إليه أو سترافقه(خاصة العنف)،وعلى الرغم من معرفتي المقاربة بدقة جيدة لطريقة تفكير كل شخص مدعو،وخطورة الالتباسات في المفاهيم والنتائج المتعلقة بقضية الاستقطاب الخطر باسم الشعب والثورة والانتفاضة والتبسيط الخطر والساذج في ذلك،وأنني سأجد نفسي في حالة مواجهة قاسية للوصول بعدها إلى إمكانية التقاطع والاتفاق على الحد الأدنى الممكن،وعلى الرغم من سخافة انتقالنا إلى روما بتوسط الآخرين (على الرغم من المستوى الراقي والمتطور والخبرات الكبيرة،والمفاهيم القيمية الإنسانية العليا التي تحملها جماعة سانت إيجيديو)كي نلتقي،بسبب السمات المرضية السلبية للنخب السياسية السورية،وعجزنا عن الارتقاء إلى مستوى الأزمة،وتحقيق لقاءات محلية مهما كانت الخلافات والشروط،والحوار على مبادرات سياسية،على الرغم من كل ذلك وافقت على الحضور،خاصة وأن التكاليف الأساسية مغطاة،فهناك استحالة في أن أوفرها شخصيا،كذلك هناك وعد برفع منع المغادرة عني من قبل الأجهزة الأمنية،وعمن يشبه حالتي.
البعض يسأل عن مثل هذه الجماعات الأوروبية الدينية،وعن دوافع تحركاتها الآن،وعن ارتباطاتها وحدود قناعاتها وعصبياتها الوطنية وعلاقاتها بمصالح البلدان التي تنتمي إليها وغيرها من القضايا؟!وعن صوابية الموقف وفوائده في الموافقة على حضور دعواتها .الخ بالطبع نحن الأفراد كل لوحده أو مجتمعين لا نستطيع إعطاء أجوبة دقيقة عن كل ذلك،ما يهمني أن وجودها في سوريا كان علنيا،وبالتالي هي مسؤولية النظام والأجهزة أن تدقق على قضايا الأمن الوطني،مع التأكيد أن هذه الجماعات جزء من نخب وطنية في بلدانها تفكر ببعض أهم دوافعها بمصالح بلدانها الوطنية العليا،وهنا إيطاليا،وهذا من حقها تماما،وبذلك تعمل على مستقبل سوريا ومستقبل تلك المصالح،أما الآن فلديها هموم كبرى فيما يتعلق بقضية التعايش في سوريا،والمسألة المسيحية في الشرق وأهمية سوريا في ذلك،وهذا أمر يهمني أيضا،ويهم كل شخص وطني سوري،خاصة وأن تعقيدات الأزمة الوطنية السورية قد جاءت بتفاصيل خطرة جدا في قضايا الشحن الطائفي،والتطهيرالطائفي،والأشكال الأولى للحرب الأهلية الطائفية،وأي جهد عبر الحلول السياسية والسلمية،ووقف العنف سيساهم جديا في حماية السلم الأهلي والوحدة الوطنية والوطن السوري أرضا وشعبا ودولة.
على طاولة حوار معارضة في روما؟!: خارج مسائل اللطف الشديد لأصحاب الدعوة،والدقة في الإعداد،والإحاطة بالأجواء الإيجابية للحصول على نتائج جيدة،بدأ الأمر بشرح وجهة نظرهم حول مشروع الدعوة والحوار وأسباب وضرورات الحل السياسي السلمي في سوريا،وأن هذا اللقاء خطوة أولى على طريق محتمل للقاءات يجب أن تحضرها كل الأطراف المعنية بالأزمة،مع دور ضاغط من قبل المجموعة الدولية على الطرفين المتقاتلين،لشق طريق حل سياسي إنقاذي،وكان هذا وغيره من بعض المفاهيم قد سمعته منهم في دمشق،ولاحظت أنهم في وضعية تفهم عالي ودقيق للوضع السوري.وبالتداول الأولي لمقدمة جماعة سانت إيجيديواتضحت تماما الأسس والمفاهيم،القناعات والوسائل والحلول التي تحدد كلا منا،واتضح لي أن أمامي عملا معقدا،ويجب أن أتحلى بأقصى درجات المرونة،والحرص على التقاطع المشترك،أقصى درجات سعة الصدر،كما أيضا بالمبدئية العالية،كذلك الصراحة الشديدة والاستقامة في طرح كل شيء بصورة واضحة ودون أي لعب،والبحث عن مخرج آمن من الأزمة،والتمهيد الأولي لعملية الحوار الوطني الشامل والتغيير السلمي والمصالحة الوطنية.
مجموع الأشخاص الحاضرين كانوا ينتمون إلى:المنتدى الديموقراطي،هيئة التنسيق بمكوناتها ومسمياتها،تيار الدولة،أطراف حقوقية مع الوجود المشترك لبعض الأشخاص في هيئة التنسيق أوغيرها،مندوب مجلس غرب كردستان(أي حزب الاتحاد الديموقراطي) أشخاص من منتديات مختلفة:حوران وغيره،وأشخاص باسم العمل الإغاثي الميداني وكنت الوحيد من ائتلاف قوى التغيير السلمي،بعد أن عرفت مسبقا باعتراضات كثيرين على حضور الائتلاف الصريح،خاصة بعض الأسماء منه ،هذه الأطراف الحاضرة،والأشخاص متقاربون جدا بالمواقف والمفاهيم والتصورات حول الأحداث والأزمة والحلول،وإذا وضعنا جانبا بعض سمات ودوافع النخب السورية والقضايا الشخصية،وقضايا العزل والاستبعاد والفيتو،ووجود أشخاص لعوبين،ويحبون الظهور والبروزة،وأن يكون لهم في (كل عرس قرص) لكان على مجموع الحضور عقد اللقاء في دمشق من زمن طويل،وعندما كنت الوحيد بصورة صريحة على درجة كبيرة من الخلاف مع محصلة المجموع،مع ذلك لم يكن لدي أي سبب يمنعني من حضور أي لقاء في دمشق معهم،وبدون توسط أحد،والمجموع المعني نفسه كان يستطيع عقد مثل هذا الاجتماع بدون دعوتي، وبدون دعوة كثيرين،وهذا ما يؤكده محتوى وشكل النداء الذي صدر عن اللقاء،كان الأفضل إذن بكثير أن يعقد اللقاء في دمشق،في الداخل،وكان يستطيع البعض ممن خرج من سوريا أو يتواجد خارجها أن يعقد لقاء رديفا وموازيا،وستبقى النتائج كما هي.
بنهاية الجلسة الأولى حاولت جماعة سانت إيجيديو تقريب وجهات النظر بمشروع ورقة اقترحوا إعدادها بأنفسهم بعد أن استمعوا إلى الجميع،بغاية الوصول في الجلسات اللاحقة سريعا إلى التقاطعات داخل مجموعة المعارضين،واتضح أن هناك عدد من النقاط الخلافية الأساسية التي يجب التركيز عليها أهمها:أولا النظرة الأساسية إلى ما يجري في سورية،ثورة شعب،انتفاضة شعب ثورية،حراك ثوري للشعب السوري،أم حراك شعبي بجزء من الشعب السوري بسمات محددة مستقرة بعد مرور زمن طويل عليه.ثانيا:الأزمة السورية،هل هي أزمة ثورة وشعب من جهة،ضد نظام ديكتاتوري مسؤول عن كل شيء من جهة أخرى،أم أزمة وطنية شاملة،والشعب السوري فيها منقسم إلى عدة صفوف،صف الحراك بكامل تركيبته،وصف النظام،وكتلة كبيرة جدا غير مستقطبة إلى أي جهة،تقع عليها التكاليف واالأثمان الأعلى،أخذها طرفا الصراع القصويان والمتطرفان بالعنف إلى الأزمة،والأزمة بالتالي مركبة،وأكثر من طرف فيها يتحمل مسؤوليات الوصول إليها بنسب مختلفة،وكذلك مسؤوليات الخروج منها بنسب مختلفة أيضا.ثالثا:قضية توزيع المسؤوليات في الأزمة.رابعا:الموقف الصريح من قضية الحلول للأزمة،حل سياسي مع كل الالتباسات في ذلك،أم حل سياسي سلمي،والموقف الصريح من العنف،رفضه أو تبريره أو تبرير جزء منه،خامسا:الموقف الصريح من التدخل الخارجي وأطرافه وأشكاله.
كانت ورقة جماعة سانت إيجيديو متفهمة جدا لحقيقة الأزمة والحلول الآمنة،فهي أزمة وطنية شاملة،مستعصية خطرة،تفتح جديا على احتمالات الحرب الأهلية،تبتعد عن الإيديولوجيا والمواقف المسبقة،أو ذكر مواقف اتهامية واستقطابية تعقد الحلول بإثارة حوارات على المربعات الأولى.تركز على الداخل وفعالياته السلمية،وتركز على ضرورة أن يقوم الخارج بمجرد دور ضاغط على طرفي الصراع،ثم ضمان ورعاية اتفاقات الحوار على الطاولة للتغيير الديموقراطي والمصالحة الوطنية.بالنسبة لي شكلت تقاطعا كبيرا جدا مع قناعاتي والمفاهيم التي أحملها وتخوفاتي.ثم بدأ الأشخاص الأكثر تشددا في المجموعة بتفريغ ورقة المجموعة الإيطالية من محتواها،وعلى اعتبار أن دور جماعة سانت إيجيديو رعوي وأدبي،فالمجموع الموجود كأشخاص وبرفع اليد هو من سيحدد محتوى النداء أخيرا،كان قطبا الحوار والمساومات والشد والجذب:أنا من جهة والبقية من جهة أخرى بأشكال وسويات ومناهج ولياقات مختلفة،تؤثر فيها بصور متعددة حدود القناعات، والتأثر بتطورات الأزمة،والتركيبة العصبية والفكرية في الموقف من الصراع والأزمة السورية،وتمكن الأشخاص الأكثر تشددا في قضايا الإيديولوجيا معبرة عن نفسها بمفاهيم من مثل"عدم الحياد"وضرورة الوقوف إلى جانب الشعب السوري والثورة،وكذلك تحميل النظام المسؤولية،تمكنوا من تحديد محتوى النداء،والهرب من الصراحة في قضية الحوار بين كل الأطراف إلى التفاوض وهو تعبير دارج في وسط المعرضة السورية المتشددة بكل دلالاته السياسية،تمكنوا من التأكيد على مسؤوليات النظام كما يعتقدون دون أي نقد صريح للأطراف الأخرى في الأزمة،تمكنوا من الهرب من توجيه دعوة صريحة للنظام إلى الحوار بينما وجهت صراحة إلى الجيش الحر بعد مساومات طويلة لحذف عبارات مديح سياسية وإيديولوجية لهذا الجيش،لم تسمح بتمريرأي إشارة إلى قضايا الخطف والخطف المتبادل،اعتبر هذا كأنه نقد لجهة الحراك والثورة والفعاليات المسلحة والعنيفة فيها،وكأن هذا العمل غير موجود في سوريا الآن،حذفت كل العبارات التي تؤكد على الحل السياسي (السلمي) واستبدلت بتعبيرالحل السياسي فقط باعتبار شيء بديهي بأنه سلمي(ومن البداهة أنه غير بديهي).
حاولتُ بصعوبات عالية،مع كامل المرونة أن أصل إلى إمكانية استمرار التفاعل للتوقيع،وحاولت المساومة المحددة بدقة على وضع عدد قليل من النقاط في النص هي تحديدا:ذكر ولو لمرة واحدة على الأقل تعبير الحل السلمي والتغيير الديموقراطي السلمي،حذف أي مصطلح انحيازي استقطابي،ثورة شعبنا أو الشعب،الانتفاضة،أي البعد الصريح عن فكرة وجود الشعب كتلة واحدة في طرف واحد،فالشعب مقسم لصفوف وأكبر كتلة فيه غير مستقطبة وغير حيادية بالمقابل،البعد عن فكرة تحميل طرف واحد مسؤولية ما وصلنا إليه،ومسؤولية الخروج منه،استطاع بعض الأصدقاء الأكثر عقلانية من تدوير بعض الزوايا البسيطة والتقريب بين وجهة نظري والبقية فيها،من مثل نزع السياق عن عبارة إقرار مبدأ الدفاع عن النفس التي كانت ستمثل تواطؤا صريحا مع العنف من جهة فعاليات الحراك العنيفة،وتحسّن المحتوى قليلا،كما تمكنوا من وضع بعض العبارات بخصوص العنف ورفض العنف وعدم تشجيع العنف،وأن السلاح ليس الحل بعدما تمكن المجموع من إلغاء فكرة رفض العنف(المعمم والمتبادل) التي حاولت المستحيل لتثبيتها من نص الطرف الإيطالي.وحاولت حتى اللحظة الأخيرة من تحقيق إمكانية التقاطع في الحد الأدنى والقيام بالتوقيع وفشل الأمر بتسابق العديدين على التشدد وصياغة ورقة بطابع الوجه الواحد،مع تلوين بسيط وضعيف بضرورة الحل السياسي وليس السلمي.
تلخيص وتقييم: كنت مدركا بصورة جيدة أن غيابي سيسهل كثيرا صدور النداء،كما أن حضوري عقد ذلك وصعبّه،لكنه بالتأكيد حسنّه في العديد من الجوانب،فما تم التوقيع عليه مختلف بدرجات عن القناعات القديمة للموقعين(خاصة إلى ما قبل أحداث دمشق الأخيرة)وبذلك يمثل البيان عددا من الخطوات الإيجابية إلى الأمام في مواقف بعض المعارضين السوريين.
وكنت مدركا أن هذا التطور في مواقف هؤلاء الأصدقاء سيعرضهم لانتقادات قاسية وتخوينية حتى من داخل إطاراتهم،بأنهم تخلوا عن الثورة والشعب السوري وأصبحوا في صف النظام.الخ (وهذا ما حصل سريعا على الرغم من محاولات تلافيه والتوقيع بالأسماء الشخصية ،غير التمثيلية)وباعتبار أن هذا لم ولن يكون همي الأساسي لخلق تناقضات في وسط المعارضة والتأثير في تركيباتها وصفوفها مع أهميته وفوائده،مما خلق عندي دافعا إضافيا بعدم التوقيع لدرء بعض تلك الاتهامات والتناقضات،لكن حدود الخلافات كانت عالية في أسس الإنطلاق بالموقف،والاستقطاب،ومن ثم المصطلحات والمحتوى الأساسي كما شرحته،ولم أستطع التوقيع.
يجب القول أن ثلاثة أشخاص من الحضور(من أساس ثمانية عشر) كانوا على درجة عالية جدا من التقاطع مع ورقة جماعة سانت إيجيديو(الورقة موجودة،وكل النسخ الأخرى والتغييرات التي أضيفت موجودة،واللعب الذي صار على بعضها موجود، ولست أدري إن كان نشرها مفيد؟!)أي من التقاطع مع موقفي،عرفت ذلك من الحوارات الثنائية التي أجريناها،لكن من المحزن جدا أنهم قالوا بعدم استطاعتهم على عرضها بصراحة،فهم سيخسرون بذلك أشياء هامة؟!وكانوا أقل الفاعلين بسبب هذه الازدواجية والاستبطان،أو الصمت.
نداء روما كان يجب أن يصدر في كل الأحوال من دمشق،كان هذا متاحا،وكان سيأتي بنتائج وتأثيرات أكثر إيجابية،أتمنى أن تتسع دائرة المتحاورين قريبا والتخلي عن قضايا العزل والقمع والمواقف المسبقة لجمع صف قوى التغيير السلمي الآمن والحل السياسي السلمي الآمن.وفي كل الأحوال يجب عدم تضييع الجهد الذي حصل،وذلك الحد الأدنى من الانتقال خطوات إلى الأمام بمفهوم الأزمة والحلول،وعدم إضاعة الجهود والخبرات الهائلة لجماعة سانت إيجيديو،يجب تكرار اللقاءات وتوسيع الحضور،ومع أهمية المكان فلا بأس أن يكون خارج سوريا وبالتوسط في روما مرة ومرة أخرى.
فاتح محمد جاموس