كشف رجل دين مسيحي من حلب لـ"سيريا بوليتيك" عن "مشروع لبناء أحياء سكنية جديدة للمسيحيين السوريين، في مدينة وريف محافظة طرطوس بحيث يكون سكنا دائما لهم"، على حد تعبيره، مؤكدا أن السلطات السورية "لا علاقة لها بهذا المشروع ويعتمد بشكل رئيسي على دعم رجال أعمال مسيحيين مغتربين".
وينشر "سيريا بوليتيك" هذه المعلومات بتحفظ وعلى عهدة المصدر الذي يؤكدها، فيما لم يتمكن الموقع من تأكيدها من مصادر أخرى، علما أن بعض النشطاء والمعارضين المسيحيين السوريين شككوا في تصريحات لـ"سيريا بوليتيك" في صحة هذا الكلام، معتبرين "أن الأزمة والمعاناة التي يعيشها كل السوريين قد تخلق أفكارا كثيرة من أجل العيش بسلام، ويبدو أن هذه الفكرة لها أجنحة".
وقال رجل الدين المسيحي، الذي فضل عدم نشر اسمه، إن "المشروع طرحه عدد من رجال الدين والأعمال المسيحيين السوريين الموجودين داخل سوريا، وفي المغترب، لبناء أحياء سكنية جديدة للمسيحيين السوريين من مختلف المناطق السورية، بحيث تكون هذه الأحياء في ريف ومدينة محافظة طرطوس، وهي أحياء يمكن أن تؤوي مستقبلا جميع المسيحيين الراغبين بالهجرة من مناطقهم بسبب أعمال العنف، أو استهدافهم".
وأضاف "إعلان حلب دولة إسلامية مثلا سيكون من الأسباب التي تدفع الكثيرين من مسيحيي حلب بعدم العودة إليها".
وقال "الأحياء السكنية لاتزال فكرة ولكن نتوقع أن عددا من رجال الأعمال المسيحيين الموجودين في المغترب خاصة المتواجدين في دول أمريكا الجنوبية، وهم كثر، أن يقوموا بالمساهمة في تمويل المشروع، فهناك قسم كبير من المسيحيين لا يقدر على الهجرة خارج البلاد، وبالتالي تأمين مسكن جديد له في منطقة آمنة".
وردا على سؤال "ألا تعتقد أن إنشاء مساكن خاصة للمسيحيين هو شكل من أشكال العنصرية ؟"، أجاب الكاهن المسيحي:"صحيح أنها مساكن سوف تفتح أمام المسيحيين الراغبين بالاستقرار الدائم في طرطوس، لكن لن يكتب عليها أنها فقط للمسيحيين، ومن يرغب من أبناء الوطن بالسكن فيها فهو حر بذلك".
كما رد الكاهن المسيحي السوري على سؤال "ما رأيكم بمن قد يوجه لكم تهمة الترويج لأجندة النظام السوري بأنكم أقلية مضطهدة ولذلك تهاجرون إلى الساحل ؟"، أجاب الكاهن "وكالة أنباء الفاتيكان لا تعمل في بلاط الاعلام السوري وقد تحدثت بشكل واضح عن أوضاع المسيحيين، وما من عاقل ينكر أن المسيحيين يتعرضون للعنف وأصبحوا ضحية للصراع، ولذلك من حقنا أن نبحث عن مكان هادئ للعيش فيه".
وتابع "إن الأمور تقاس بالعلم والمعرفة، وليس الوعود، وأليس غريبا أنه لم يصدر إعلان واضح من قبل أطراف المعارضة يدعو لحماية الكنائس ويجرّم من يقوم بالاعتداء عليها ؟ على الأقل ليس ككنائس لأقلية دينية وإنما كآثار من تاريخ هذا الوطن؟ كم عقدوا من مؤتمرات ومنتديات ؟ الكثير الكثير ولكن مع ذلك وبعد كل مؤتمر كانت أطراف معينة تقوم بحرق وتخريب الكنائس دون أن أي تنديد واضح من أطراف المعارضة المذكورة".
وأشار الكاهن السوري، في حديثه لـ"سيريا بوليتيك"، إلى أن الكنيسة السورية تحتفظ لمنطقة الساحل، من بين مناطق أخرى أيضا في سوريا، بأنها لم تغير أسماء الأماكن والمناطق المسيحية التاريخية، مشيرا إلى أنه "منذ دخول الصليبيين إلى منطقة الساحل منذ القدم، وبعد ذلك خرجوا منهم، تركوا أديرة للمسيحيين وراءهم، وبعد حصول هجرات سكانية عديدة وحصول اختلاطات سكانية في تلك المناطق لم يقدم أهلها على تغييرالاسم حيث بقيت إما (دير) أو (دوير)".
وقد سألنا الكاهن: هناك من يرى أنكم بهذه الخطوات تناهضون الدولة الديمقراطية القادمة في سوريا، فأجاب: بالعكس تماما، إن الديمقراطية وقيام الدول المدنية سيكون أمرا في صالحنا تماما، لأن أساس الدولة المدنية حماية جميع الأديان من أكثرية وأقلية واحترامها، ولكن من يتهمنا هذه الاتهامات فليذهب ويبحث من في المنطقة له مصلحة في التخلص من مسيحيي المشرق وأقصد تحديدا مسيحيي سوريا.
تجدر الإشارة إلى أن قسما بارزا من المعارضة السورية ينفي استهداف المسيحيين ويتهم النظام السوري بذلك، معتبرا أن المرحلة المقبلة في سوريا ستحترم حقوق الجميع بمن فيهم المسيحيون. كما يوجه بعض المعارضين تهمة "العمالة للنظام" لأي منظمة أو ناشط يتحدث عن تعرض للمسيحيين للانتهاكات، علما أن المسيحيين في سوريا، وكبقية الطوائف السورية، يضمون المعارض والمؤيد أو المنضوي في طبقة صامتة. ومن أبرز السجناء السياسيين حاليا الذي ينحدرون من المسيحية المحامي اليساري والناشط الحقوقي خليل معتوق. وعموما، لاتزال طبقة رجال الدين المسيحيين في سوريا بعيدة عن اتخاذ مواقف معارضة للنظام ولم تنتم لقوى المعارضة الرئيسية مفضلة البقاء في الكنيسة بعيدا عن الأنشطة السياسية.
وكان قسم كبير من الكنائس في سوريا تعرض إما للحرق أو التدمير.