لم يعد يسمع السوريون في كثير من الأحياء، والبلدات، في ريف الساحل السوري، أو في مناطق أخرى من سوريا، سوى تكرار هذه العبارة من قبل الأهالي "طلبوه للاحتياط"، في إشارة إلى ارتفاع الطلب على الاحتياط للجيش السوري، والذي طال حتى حملة الشهادات الجامعية من مدرسين وأطباء ومهندسين.
وغالبا ينتمي هذا الشباب لأسر فقيرة، وكان لافتا نشر صورة لمنزل شاب عسكري سوري من طرطوس (الدريكيش) قتل مؤخرا وقد بدا منزل أسرته فقيرا كما كانت البيوت الريفية في الخمسينات والستينات. وقد علقت صفحة طرطوس المحافظة المنسية على صورته " فقير المال غني الكرامة".(الصورة أدناه).
يقول أحد أبناء المنطقة "عاش فقيرا ومات فقيرا، وغدا ينساه الناس ولا يتذكره إلا أهله فهذه سنة الحياة، وإذا ما تغير النظام يوما قد يأتي نظام لا يعتبر هؤلاء شهداء وإنما شبيحة كما يسمونهم على صفحات الانترنت.. وبعد كل هذا وفي مشهد من النفاق والدجل يدخل أبناء الأثرياء والمسؤولين على صفحات الأخبار التي تضع أسماء صور وقتلى الجيش ويكتبون عبارات الحزن عليهم".
وأضاف "هل يوجد نفاق أكثر من أن يقوم ابن مسؤول هرب من البلد ويقيم في دولة خليجية بالدخول على صفحة على الفيسبوك تحمل اسم شاب وصورته كان في الجيش وقتل، ليكتب على صفحته (يا بطل الله يرحمك يا بطل أنت الكرامة والعز) وهو – أي ابن المسؤول- هارب من الاحتياط بجواز سفر عادي".
أحدهم قال "منذ فترة انتهت خدمة أخي، ولكن طلبوه للاحتياط مجددا، وليس أمامه سوى أن يفر ويصبح ملاحقا وخارجا على القانون، أو يذهب، ويموت بعد فترة وسط بكاء أبيه وأمه".
بدأ الناس يتحدثون ويتساءلون "لماذا يذهب هذا الشباب الفقير إلى الاحتياط، فيما يحصل أبناء المسؤولين والأثرياء على جوازات سفر ويفرون خارج البلاد".
يقول أحدهم "في أيام استقرار البلاد كان أبناء المسؤولين والأثرياء لهم الامتيازات والدعم والصفقات في طول البلاد وعرضها، وعندما تعرضت البلاد لأزمة فر هؤلاء الذين استفادوا من النظام والدولة على مدار العقود الماضية، أي فروا بمساعدة وتسهيل من النظام،فيما الشاب الفقير الذي لم يجد عملا في الماضي بسبب نهب وسرقات أبناء المسؤولين عليه الآن أن يذهب ويضحي بنفسه".
ومن قصص المعاناة السورية قصة انتشرت في إحدى قرى الساحل، حيث تمكن أحد الشباب من الاتصال بأهله ليطمئنهم عليه ومن بين ما قاله "أنه التقى الشاب الذي كان يسكن معه في غرفة السكن الجامعي لمدة أربع سنوات، ولكن الشاب الآخر يقاتل مع كتيبة معارضة، وهو أي المتصل مع أهله يقاتل مع الجيش السوري، فكان موقفا صعبا ومحزنا، حيث عليهما أن يستمرا في القتال وفق أوامر القادة من الطرفين".