أجرت صحيفة نويس دويتشلاند اليسارية الألمانية مقابلة بتاريخ ٣ أيلول/ سبتمبر مع المعارض السوري هيثم مناع.
الآن أصبحت اليد الطولى لثوريي اللحظة الأخيرة
(ملاحظة المترجم، مأخوذة عن الكلمة الإنكليزية last minute)
المعارض السوري هيثم مناع يرى أن الأهداف التي قامت عليها الثورة في الأساس مهددة بالخطر
• نشرت في هذه الأيام في ألمانيا “ خطة اليوم التالي” (مابعد إسقاط الأسد، المترجم) ماهو تقييمكم لذلك؟
الناس الذين عرضوا هذه الخطة يودون أن يكونوا الإنطباع بأنه لاحاجة للقلق في حال ما إذا سقط النظام غدا.غير أن المستقبل يتحدد في مثل هذه المرحلة التاريخية بفعل التطور الحاصل ما بين اليوم والغد. وثمة سينوريوهات متنوعة في هذا الخصوص. ففي حال ما إذا حصل إنقلاب عسكري ستسير الأمور بشكل مختلف تماما عما اقترحه أولئك الناس الآن. أما إذا حاول أولئك المقاتلين القادمين من تركيا والذين يحتلون الآن قطعة من مدينة حلب الزحف غدا نحو دمشق سيكون الأمر مختلف بدوره عما سبق. أولئك لن يستشيروا أحدا بما يتعلق باليوم الذي مابعد، كما أنهم لن يتيحوا لأحد فرصة تشكيل حكومة جديدة، بل إنهم سوف يعمدوا إلى الإستيلاء على السلطة بكل ما لديهم من أفكار متطرفة سعيا لأن يكونوا حكام سورية في المستقبل.
• أين تصطف المعارضة السورية اليوم وهل تتحمل مسئولية عن الحرب الداخلية في سورية؟
لدينا في المعارضة أناس نطلق عليهم تسمية : “ثوريو اللحظة الأخيرة”، هؤلاء لم يكونوا ناشطين في يوم من الأيام، وبوسعي أن أن أذكر لكم على الأقل عشرة أسماء ممن هم في المجلس الوطني. قبل ثلاث سنوات طلبت منهم التوقيع على عريضة من أجل الإفراج عن هيثم المالح، الذي إعتقل في ذلك الحين. ولقد رفضوا ذلك بحجة أنهم أكاديميين و”موضوعيين” وأنه ليست لهم علاقة بالسياسة. واليوم يقود هؤلاء الناس بالتحديد أناسا متطرفين في المعارضة ويطالبون بتسليم السلطة بصفاقة التعبير وطائفيته للسنة وتهجير العلويين والشيعة من سورية. هؤلاء ينادون بالتسليح وبالتدخل الخارجي ولا أحد منهم يتكلم صراحة عن المرتزقة- التكفيريين الذين يقاتلون في سورية، القادمين من ليبيا ومن العربية السعودية وتونس، ولا أحد يطالب بانسحاب هؤلاء المقاتلين. أما نحن فيطلقون علينا تسمية شركاء للنظام لأننا نرفض أن نيأس من الطريق السلمي للتتغيير الديمقراطي، ولأننا ندعو لحل سياسي سلمي يوقف العنف عبر التفاوض وخطة الأمم المتحدة-الجامعة العربية.
• هل تحملون متطرفين في المجلس الوطني المسئولية عن إخفاق الإنتفاضة؟
المجلس الوطني تسيطر عليه قوى إسلامية متطيفة والإخوان المسلمون. في البداية كان مايزال مقبولا أن يتم التغاضي عن عشرات من المقاتلين الأجانب القادمين من ليبيا ومصر إلا أن هؤلاء أصبحوا يعدون بالمئات وهؤلاء يقتلون الثورة السورية. إنهم يقتلون المباديء التي بدأنا بها الإحتجاجات. بدأناها بكلمتين: الحرية والكرامة، أما اليوم فلم يعد هناك إلا هتاف واحد: تكبير. وتجدر الإشارة إلى أن جهاديين ومتطرفين سوريين وإسلامويين كانوا يريدون منذ البداية أن يكون الصراع عسكريا، غير أنهم كانوا يعرفون أننا نحن، أي العلمانيين وذوي الفكر الإنساني والمدافعين عن المقاومة المدنية لا نريد الجهاد المسلح. إذ أن هدفنا الذي نطمح إليه هو التغيير، الذي يعطي الأولوية للحياة وليس للموت. مع كامل الإحترام للموت وما سيعقبه، فنحن نعيش اليوم. ولدينا الحق بالحياة بحرية وكرامة.
• الحكومة الفرنسية طالبت المعارضة السورية عمليا بتشكيل حكومة إنتقالية.
كيف نستطيع كمعارضة أن نتوقع إحترام السوريين لنا، عندما يفرض علينا السيد فابيوس (وزير الخارجية الفرنسي لاورنت فابيوس) الطريق الجديد لسورية؟ وكيف لنا عندها أن نحترم أنفسنا؟
• لاننس أن هذه المعارضة التي يخاطبها فابيوس أو الرئيس فرانسوا أولاند- أي المجلس الوطني السوري- حاضرة جدا في وسائل الإعلام.
عمليا فإنهم يوصدون باب الإعلام أمامنا، إذ ليس لدينا الحق بإلتعبير عن رأينا في ال CAP
(أي نادي الصحفيين الأجانب في باريس). هذا الحظر ينطبق علي ولفترة طويلة كان على ميشيل كيلو وفايز سارة – هذا في فرنسا الديمقراطية. وعندما قدمنا قبل أسبوعين مبادرة لوقف إطلاق النار لم تقم حتى ال بي بي سي، المعروفة بموضوعيتها، بتعريف مستمعيها بمضمون المبادرة. وبدلا من ذلك تبنت وسائل الإعلام التقارير الإخبارية لإذاعات دول الخليج العربية و الجزيرة ومفادها أن المجلس الوطني السوري يرفض مبادرة وقف إطلاق النار. لذا فإن هذه المحطات لا تقوم حتى بالإعلام عن مضمون مبادرتنا، بل إن كل ما تذيعه هو أن المجلس الوطني وشبه تنظيمات أخرى ترفض المبادرة.
• هل كانت هناك ردود إيجابية على مبادرتكم؟
مجموعات مسلحة وبالدرجة الأولى مواطنونا في حلب الذين أبدوا ردا إيجابيا على مبادرتنا. فلقد تلقيت، أنا بمفردي أكثر من ٢٠٠ إتصال هاتفي من حلب، وقال لي الناس أنهم يؤيدون وقفا لإطلاق النار وأنهم يرغبون في أن يتم إيقاف “الحرب القذرة” كما أسموها. لاشيء من هذا القبيل ينشر في وسائل الإعلام.
• هل كانت ثمة ردود فعل من سياسيين؟
نعم، السيد لافروف، وزير خارجية روسيا، رحب بالإقتراح، كذلك حصلنا على ردود فعل إيجابية جدا من مكتب كوفي أنان.
علاوة على ذلك إتصلت بنا اليونان وإيطاليا والمجر وإجمالا أكثر من عشر دول أوروبية مستفسرة عن كيفية تطبيق هذا المقترح بعد أن تولى الأخضر الإبراهيمي مهامه.
• وهل أبدت الحكومة الألمانية رأيا في هذا الخصوص؟
لا، فألمانيا في كل الأحوال ليس لديها إتصال إلا بمجموعتين: المجلس الوطني السوري ومجموعة أصغر إنسحبت من المجلس الوطني. من جانبنا فإننا نتحاور بشكل منتظم مع ٢٠ دولة أوروبية أخرى.
• ماذا تقول الحكومة السورية؟
نائب الرئيس فاروق الشرع وعلي حيدر، وزير المصالحة الوطنية أيدا هذا الإقتراح علنا، ومن المزمع عقد مؤتمر كبير للمعارضة السورية في دمشق يتوخى أن تبحث فيه خطوات للتنفيذ. وأعلن23 حزبا من سورية مشاركتهم في المؤتمر ونأمل أن يشارك الأخضر الإبراهيمي أو ممثل عنه في هذا الموتمر.
هيثم مناع، (مواليد درعا 1951) هو الناطق بإسم هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في سورية فرع المهجر. إضطر هيثم مناع أثناء إنتفاضة الإخوان المسلمين في سورية (1978-1982) إلى مغادرة سورية لأسباب سياسية وهو يعيش في فرنسا حيث ناضل لسنوات طويلة في اللجنة العربية لحقوق الإنسان. حاورته كارين لويكيفيلد.
أنجز الترجمة عن اللغة الألمانية حسان زين العابدين، لايبزك – ألمانيا
رابط المقال باللغة الألمانية: http://www.neues-deutschland.de/artikel/237314.jetzt-dominieren-last-minute-revolutionaere.html
-----------
نقلا عن موقع "هيئة التنسيق"