قال القسم السياسي والاستراتيجي في موقع "سيريا بوليتيك"، في تقرير مقتضب وعاجل يحلل الخطة السياسية والأمنية التي تحدث عن الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه اليوم الأحد 6-1-2013، إن الخطة "في جوهرها متطابقة إلى حد كبير مع ما يتم التحضير له من جنيف 2 ، إلا أنها تحتوي مشكلة سياسية إدارية وهي تأخير مرحلة حصول العفو العام والمصالحة".
تقرير القسم السياسي والاستراتيجي الذي يضم مجموعة من الخبراء المستقلين:
خطة الأسد تقول إنه "في المرحلة الأولى تلتزم الدول المعنية بوقف تمويل تسليح المعارضة، يلي ذلك وقف الجيش للعمليات العسكرية مع الاحتفاظ بحق الرد إن تعرض للهجوم، وإيجاد آلية للتأكد من إمكانية ضبط الحدود". وموضوع وقف دعم التسلح والعنف من جميع الأطراف هو في روح جنيف 2، وأما فقرة وضع آلية للتأكد من ضبط الحدود فهي تشير أيضا إلى نشر مراقبين دوليين.
كما تحدثت خطة الأسد عن "الدعوة لعقد مؤتمر يعمل على الوصول إلى ميثاق وطني يتمسك بسيادة سوريا ووحدة أراضيها ويرسم المستقبل الدستوري لها، ثم يعرض الميثاق الوطني للاستفتاء الشعبي، وتشكل حكومة وطنية موسعة، وتجري صياغة دستور جديد يطرح للاستفتاء ومن ثم تجري الانتخابات". وهو عمليا ما تحدث عنه الأخضر الإبراهيمي من حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة وانتخابات برلمانية، وصحيح هذا لم يكن واضحا ومباشرا في خطة الأسد إلا أنه من البديهي ألا تأتي حكومة بعثية أو حكومة معارضة مقربة من النظام، خاصة بعد الميثاق الوطني، الذي كان مطلبا لعدد كبير من مفكري ومنظري المعارضة. يمكن للمعارضة أن تحرج النظام وتأخذ معها نسخة من ميثاق القاهرة الذي اتفقت عليه العام الماضي وتذهب به إلى دمشق، إلا أن المعارضة نفسها اختلفت لاحقا حول ميثاق القاهرة.
وتتحدث الخطة أيضا عن المرحلة الثالثة التي تشهد تشكيل حكومة جديدة وفقا للدستور وتجري مصالحة وطنية ويعلن العفو العام، يلي ذلك العمل على إعادة الإعمار. وهنا مشكلة كبيرة في هذه الفقرة، إذا أنه يوجد حاليا عدد من رموز المعارضة الرافضة للسلاح في السجون، مثل عبد العزيز الخير وزملائه في هيئة التنسيق، والمحامي خليل معتوق،وغيرهم، وهؤلاء لن يتم إطلاق سراحهم حتى المرحلة الثالثة – أي مرحلة ما بعد الحوار والمؤتمر الوطني الذي ورد ذكره في المرحلة الثانية- وبالتالي السؤال المهم: كيف ستذهب المعارضة الرافضة للسلاح للحوار بينما رموزها في السجن ؟
وأَشار الأسد إلى قبول نظامه لإعلان جنيف مع تحفظه على ما اعتبره بندا غامضا وهو بند المرحلة الانتقالية، معتبرا أن خطته التي أعلنها في خطابه هي المرحلة الانتقالية.
ومن غير الواضح بعد إذا كانت تأخير مرحلة العفو العام والمصالحة هو خطأ إداري في ترتيب أفكار الخطة، أم أنها قناعة سياسية يتمسك بها النظام، وهي أكثر فقرة من شأنها أن تؤدي لهوة كبيرة بين المعارضة الرافضة للعنف والنظام. إذ من المفترض، سياسيا وإنسانيا ووطنيا، أن يتم تهيئة الظروف للمرحلة الثانية اي المؤتمر الوطني ووضع الميثاق، وفعلا تمت التهيئة بالمرحلة الأولى عبر وقف العمليات العسكرية، ولكن هناك قضايا مهمة أيضا تأتي في سياق تهيئة الظروف مثل العفو العام ووقف ملاحقة المعارضين والسماح بعودة السوريين بالخارج دون قيد أو شرط و ملاحقة، وإلا من سيحضر المؤتمر الوطني ويجري النقاش حول الميثاق الوطني إذا لم يحصل عفو عام وإجراءات توقف ملاحقين المعارضة السياسية الراغبة بحصول مؤتمر وطني ؟
هناك تساؤلات عديدة أبرزها ما تم طرحها أعلاه، ووفق خطاب الأسد اليوم فإن الحكومة الحالية برئاسة الدكتور وائل الحلقي ستقوم بإعلان المبادرة بشكل رسمي، وبالتالي من المفترض أن يتضح أكثر إذا كان ما أثاره تقريرنا هنا هو "خطأ سياسي" أم "موقف سياسي"، خاصة وأن نائب رئيس الحكومة أي الدكتور قدري جميل سبق وأن أصدر تحالفه السياسي بيانات تندد باعتقال المعارضين السوريين.
كما أن أبرز جهة سياسية معارضة ترفض العنف هي هيئة التنسيق، ومن المستبعد كليا أن تذهب هيئة التنسيق إلى أي مؤتمر عام دون خلق الظروف المهيئة له وأبرزها العفو العام.