آراء

  • ربيع سنّي في العراق!

    14 يناير 2013 - 09:12 م : نجاح محمد علي
  • لن أضعف أمام اتهامي بالطائفية لأكرر مجدداً رفضي الكامل للمظاهرات التي انطلقت في"المدن السنّية" ، فأنا والحمد رايتي بيضاء، لاسنيّة ولاشيعية، وقد حاربت ، وأنا مستمر في ذلك ، كل التقسيمات على أساس ديني أو طائفي أو عرقي ، وسجلي في كشف" العهر الطائفي " وفضح " نعاج الشيعة " ونظرائهم من " السنّة "، وفي الدفاع عن المسيحيين ضد فرق الموت في الموصل وبغداد والبصرة وسوريا، لا يزايد عليه أحد.

    نعم ، إن مظاهرات الرمادي وأخواتها طائفية بامتياز حتى لو رفعت "مطالب معقولة" ، وهي التي تبدأ سلمية وسرعان ماتتحول الى " ثورة مسلحة " ، واحدة من أساليب " نعاج الربيع العربي " لتكرار مايعتقدون أنه النموذج السوري، مع أن هذا النموذج كشف حقيقة شهود الزور في ثورة تحتضر ..وباعتراف الجهات الراعية.

    أنصح الذين يحركون هذه المظاهرات ، وأنا أعرفهم بالتفصيل الممل، أن يقرؤوا جيداً خطاب الرئيس السوري بشار الأسد الأخير ، والتطورات المثيرة في الموقفين الاقليمي والدولي منه، حيث قُطع أو خفض الدعم المالي للمعارضة السورية المسلحة، وتم درج أهم منظماتها(جبهة النصرة) على قائمة الارهاب، وهناك توافقات سرية تبارك فيها واشنطن وعواصم غربية أخرى منها باريس خطوات الأسد في قمع المسلحين الاسلاميين، باستخدام مايشاء من سلاح عدا الكيمياوي..

    فالنموذج السوري لن يتكرر في الرمادي لأنه ولد ميتاً أو أنه يحتضر حالياً بعد عامين من الفشل في إسقاط النظام ، أو إيجاد شرخ كبير بينه وبين قاعدته وقواته العسكرية ونظامه الأمني ، رغم أن كل قوى الشرق والغرب( باستثناء روسيا والصين وايران ) وقفت ضده وأيدت التغيير على قاعدة ماحصل في ليبيا بشكل خاص.

    ولقد تجمعت في سوريا وجوارها، بعد أيام من انطلاق المظاهرات " السلمية " ، كل منظمات القاعدة وواجهاتها وفروعها التي نقلت معاركها الى سوريا من المغرب وتونس وليبيا وحتى أفغانستان والشيشان وطبعا لافلسطين لأن القاعدة لم تفتح لها فرعاً هناك لأن القتال هناك حرام!.

    ولأول مرة منذ أربعين عاماً ، أصبحت سوريا عمياء أمام اسرائيل ، فقد نفذ " المجاهدون الاسلاميون " ومنهم بالطبع مقاتلو حماس الفلسطنية، عمليات عسكرية نوعية استهدفت رادارات النظام (...) وأنظمة دفاعاته الجوية ، وتم قتل أكفأ الطيارين السوريين في عمليات اغتيال لم تكن لتنجح من دون تخطيط واشراف ودعم وتمويل أجهزة مخابرات دولية(...) ، نجحت أيضاً في تصفية أدمغة أنظمة الصواريخ التي لاتهدد الا إسرائيل.

    هذا النجاح "العسكري" المحدود فقط في إضعاف سوريا أمام اسرائيل ، قابله فشل في استنهاض الأغلبية السنّيةالسورية للانضمام الى " الثورة المسلحة " ، واتخاذ الأكراد موقفاً معارضاً تماماً لماتريده " الثورة المسلحة " خصوصاً وأن سجل الجماعات المسلحة مع الأكراد في سوريا، وأيضاً مع باقي الاقليات ، الدينية تحديداً ، نبه الغرب (ولو متأخراً) الى أن مستقبل سوريا والمنطقة وحتى إسرائيل ، يظل أفضل بوجود بشار على الأقل حتى العام 2014 ، وأهمية دوره في انتقال سلمي للسلطة لن يتم إلا إذا أراد بعد انتهاء ولايته الرئاسية، رغم أنف كل من طبل لهزيمته قبل ذلك التأريخ.

    وإذاً فان الرهان على " ربيع عراقي " يشبه ماحدث في سوريا هو مجرد أوهام " نعجوية " ، وأن خطاب بشار ، مدد له رئاسته حتى انتهاء مهلتها الدستورية، وهو مايسوقه أيضاً المبعوث الاممي الأخضر الابراهيمي وهو يفضح (عن غير عمد) دوافع كل الذين يرفضون الحل السياسي للأزمة السورية، رغم إقرارهم بفشل مشروعهم العسكري المصطبغ بلون الدماء التي تسفك كل يوم.

    وإذْ لا حل عسكرياً في سوريا حيث التوقعات بنجاح مشروع "سوريا للجميع" الذي يقوده رجل الأعمال محمد عزت خطاب ، فلا حل عبر الابتزاز الطائفي لمظاهرات (كانت وأخواتها) التي حاول التيار الصدري" الحليف للمالكي والمشارك في الحكومة " اضفاء الطابع الوطني المفقود عليها لالغاء قوانين وعقوبات من شأنها ردع الارهاب والارهابيين. تكولّه ثور يكول احلبوه.

    وفيما يروج الكثيرون الى أنه لاتبدو في الافق بوادر ايجابية لانهاء أزمة المظاهرات والمظاهرات المضادة وهي محاولة فاشلة للمقاولين ركوب الشارع لتحقيق أهدافهم (بخيرهم ماخيروني وبشرهم عمّوا عليه) ، بما يعني أن الأزمة السياسية ستتفاقم ، فانني وكعادتي أجدف عكس التيار ( حتى لو كان صدرياً ) ، وأعود للتأكيد أنني لست خائفاً من حرب طائفية لأن شعبنا ليس طائفياً ، ولأن " المقاولين السياسيين " سيتفقون قريباً على طبخة جديدة عندما يحين الوقت لتلقيهم الأوامر ، من الراعي الأمريكي لايجاد وفاق مؤقت، تمرر من خلاله الانتخابات المقبلة في ديمقراطية فريدة بشّر بها الراعي غنمه!.

    كذلك فان هذه الأزمة الحالية " المفتعلة " في الرمادي وباقي المناطق المشابهة (كانت وأخواتها)، ستنتج " مقاولين سياسيين " جديدين بعضهم موجود حالياً في عمان يفاوض للدخول في الحكومة بدلاً من متهمين فيها بالارهاب(متورطين حتى الادانة) منهم رافع العيساوي .. وسيقولون لكم بعد كل أزمة مفتعلة مشابهة : مصارين البطن تتعارك. بيهه شي؟!.
    والذي يولد يزحف لايستطيع أن يطير
    ولاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ .
    والعاقل يفهم.
    مسمار:
    ” كان بإمكاني إحراق كل اليهود فى العالم لكني تركت أقلية منهم ليعرف العالم لماذا أحرقتهم “
    هتلر

    --------

    صحيفة "العالم" العراقية


     



مقال سيريا بوليتيك

آراء

تابعونا