أسوأ ما تربينا عليه في عهد الأسد (الأب والابن) تقديس الأفراد وتمجيدهم وتقديم الولاء والطاعة لهم عند كل مناسبة, وإعلاء شأن أقوالهم وأفعالهم.
واليوم في الثورة هناك من يتابع على نفس المنوال. فقد شاهدت بأمّ عيني مجموعاتٍ من الثوار يطيعون قادتهم في السرّاء والضرّاء… يخفضون رؤوسهم بإذلال عندما يتكلمون, ويرتجفون إذا خاطبوهم بحاجة, ولو أمرهم القادة بقتل إنسان برئٍ لفعلوا دونما تردد.
كم يؤلمني ذلك ويدفعني للتساؤل عن حقيقة الطبيعة الإنسانية… هل كان أفلاطون على حقّ عندما قال: العبيد عبيدٌ بطبيعتهم؟ ربما…
(واق واق) مدينةٌ في ريف حلب تشهد الآن حركة نزوحٍ كبيرةٍ إلى الأراضي التركية.. لماذا؟
ليس لأن المدينة تشهد عملياتٍ عسكرية, فهي محررةٌ أصلاً… وليس بسبب الأحوال الإنسانية, مع أنها صعبة فعلاً, وإنما بسبب الثوار.
فقد شكّلت مجموعةٌ منهم ما يسمّى (اللجنة الأمنية) فكانت وبالاً على حياة السكان بتصرفات عناصرها الذين بزّوا بسلوكياتهم الفاسدة شبيحة النظام… من سرقة البنزين والمازوت من الكازيات وبيعهما للأهالي بأرقامٍ فلكية, وفرض أتاواتٍ مالية على الناس بطريقة (الخوّة), وعدم رعاية حرمات وجهاء البلد, وإهانة دهمائها لأهون الأسباب.
كان البعثيون فيما مضى يزاودون على الناس في الوطنية ومحبة البلد, وكنا لا نستطيع مساجلتهم لأن فروع الأمن كانت بالمرصاد.
واليوم في الثورة تجد من يزاود عليك, ليس بالوطنية, أو الثورجية, وإنما في مشاعرك الدينية…
كم أتعرض للتقريع من قبل بعض الملتحين لأني لا أطلق لحيتي؟ وكم يلومني البعض لأني لا أستهل مداخلاتي على القنوات بالحمدلة والبسملة و… على طريقة خطبة الجمعة؟
أما إن قلتُ شيئاً, أو حتى رفعتُ ملصقاً جديداً على الفيس بوك تنبعث منه رائحة الانتقاد فالويل لي والثّبور…
عادةً ما أردّ عن نفسي بالتأكيد أنّي مسلمٌ بالهوية والانتماء والثقافة… ولكن… هيهات… هيهات… ما أسهل سحب البساط من تحت قدميك ليكون الطرف الآخر ممثلٌ لله على الأرض بينما أنت مجرد خروفٍ ضالّ.
مصعب الحمادي
عضو لجان التنسيق المحلية / حماه*
عضو اتحاد ثوار حماة / حماة
-------------
المقال نقلا عن جريدة لجان التنسيق المحلية في سوريا، وقد قام فرع "أمن الثورة" بقلعة المضيق بريف حماة باعتقال كاتب المقال (اقرأ خبر الاعتقال).