أقسم جميع أعضاء مجلس الشعب السوري الجديد على العمل على "وحدة الأمة العربية". كما هو معروف وحدة الأمة العربية من مبادئ وشعارات حزب البعث. طارت المادة الثامنة، فيما لايزال حزب البعث يحط على أغصان مجلس الشعب، والحياة، في سوريا. فضلا عن ذلك، العلاقات شبه منقطعة بين سوريا والجامعة العربية، وبات عدد كبير من الدول العربية الرسمية – بنظر الحكومة السورية وأنصارها- متآمر على الشعب والدولة والنظام في سوريا، فما هي وحدة الأمة العربية التي تقسمون عليها أيها المحترمون في مجلس الشعب ؟!
كان الأولى بكم أن تقسموا على "وحدة إسطوانة الغاز"، لأن ما يهم المواطن السوري "المعتر" هو "جرة الغاز" وليس وحدة الأمة العربية – الشعار الذي أنهك سوريا خلال عقود طويلة؛
كان الأولى بكم أن تقسموا على "وحدة سوريا أولا" !
كان الأولى بكم أن تقسموا على تأمين الأمن والأمان للسوريين الذين تحولوا إلى كائنات طائرة ينتظرون لأشهر ليحصلوا على حجز في رحلة طيران داخلي لكي يتمكنوا من السفر إلى مدنهم لأن السفر في البر يكلف الخطف والقتل؛
كان الأولى بكم أن تقسموا على إطلاق سراح السجناء السياسيين وسجناء الرأي والضمير، ونحن هنا نتحدث عن السوريين الذين سجنوا بسبب الرأي أو كتابة مقال أو التعبير عن رفض وضع سياسي في البلاد، ولا نتكلم عن الذين تورطوا بدماء الشعب السوري، علما أن حملة السلاح "يصار إلى تسوية وضعهم فورا" بينما حملة "الفيسبوك وتويتر" يجلسون شهورا في السجن؛
كان الأولى بكم أن تقسموا على إيجاد حل لمشكلة التطرف والعنف التي تنتشر في المجتمع السوري، والشمس لا يمكن حجبها بغربال، وعليكم أن تعرفوا لماذا انتشر هذا التطرف، ومن تسبب به. القاعدة أصبحت على أبواب منازلكم، وقد تم قتل عدد من زملائكم المرشحين للمجلس؛
كان الأولى بكم أن تقسموا على الخروج -بقوة الضمير- بقرارات قوية تحرك مشاعر السوريين ليقفوا معكم لوضع حد لجنازات السوريين من عسكريين ومدنيين حيث تحولت سوريا بمدنها وريفها إلى أماكن يكسوها الحزن بسبب دفن أحبتها وأبنائها... نعم نعم فالسوريون يقتلون بعضهم وأنتم تقسمون على وحدة الأمة العربية؛
حاول بعض الأعضاء التحدث، فكان جواب رئيس البرلمان أن الجلسة مخصصة للانتخابات وفق النظام الداخلي. لم يدرك رئيس البرلمان أن هذا برلمان منعقد في وضع استثنائي ولذلك يجب وضع النظام الداخلي جانبا، والتفكير بالسوريين فقط؛
العبارة الشهيرة "والحشا ما حا لحا ما حا بحب حا" التي كان يرددها بطلا المسلسل الكوميدي السوري "ضيعة ضايعة"، أسعد خشروف وجودة أبو خميس، تناسب جدا توصيف حالة الفراق بين ما حصل في مجلس الشعب، وبين ما يجري في سوريا؛
سوريا تمر بأزمة مصيرية كبرى، وماجرى في مجلس الشعب كان منقطعا تماما عما يجري في البلاد، وكأن ما جرى يمكن أن يكون "الحلقة الأولى" من "الجزء الثالث" لمسلسل "ضيعة ضايعة"، وستكون بامتياز "كوميديا سياسية"، ونترك للقارئ الكريم أن يتخيل من هو أسعد خشروف ومن جودة أبو خميس في مجلس الشعب الجديد!