بعد أربعين يوما على وفاة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، تم إبلاغ "العميد إياد المحمود" بأنه تم وضعه تحت "تصرف القيادة" وهو ما يعني "تجميده". من وقف وراء ذلك القرار ؟ ولماذا ؟ وهل الدور السوري الإقليمي في فترة ما بعد "تجميد" إياد المحمود تراجع عن الفترة تلك التي قام فيها بمهام استراتيجية؟ .. إليكم الحلقة الثانية التي تتضمن بعض الصور له من مجموعة كاملة في أرشيفنا، وهي الصور التي تنشر للمرة الأولى:
في الحلقة الأولى من تحقيق "سيريا بوليتيك" الخاص حول شخصية العميد إياد المحمود (الإسم المتعارف عليه) كشف التحقيق دور هذه الشخصية "المجهولة والغامضة" في "هندسة" العلاقات السورية مع دول إقليمية عديدة، وقيامه بمهمات رفيعة في المنطقة خلال الثمانينات أدت إلى "تثيبت" سوريا على الخارطة الإقليمية، فضلا عن وقوفه وراء عدد من "النصائح والاستشارات الاستراتيجية" التي قدمها للرئيس السابق حافظ الأسد، والتي ربطت سوريا باستقرار إقليمي وعالمي. التحقيق أكد أنه لم يكن للعميد المحمود أي دور داخلي، وجميع أدوراه ومهماته كانت على صعيد خارجي، على عكس ما جاء في بعض منتديات المعارضة التي وضعت اسمه في قوائم أشخاص يمارسون القمع واعتبروه قائدا للواء في الحرس الجمهوري، فيما هو الآن في الستينات من العمر ومتقاعد منذ سنوات، وقد أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش صحة كلامنا إذا أن قوائمها خلت من اسمه. وتساءل تحقيقنا الأول: أين العميد المحمود ؟ وهل لو كان موجودا كانت سارت الأمور كما هي الآن عليه، خاصة أنه وراء نزع فتيل أزمات إقليمية كثيرة واجهت سوريا ؟
أثارت الحلقة الأولى من التحقيق ضجة واسعة، وجدلا أوسع، بين معجب بالتقرير وكشفه عن "بروفايل" شخصية سورية لعبت دورا كبيرا في وضع سوريا على الخارطة الدولية والإقليمية ولم يعرفها السوريون سوى قلة قليلة عرفت معلومات طفيفة وعامة أو غير دقيقة عنه، وبين منتقد للتقرير إلى درجة أن أحد أصدقاء الموقع وصفه بالتقرير "البوليسي الخيالي" متحديا وجود شخصية من هذا النوع في سوريا خاصة فكرة أنه كان وراء الكثير من خطوات الأسد الأب الاستراتيجية.
وبناء عليه، قرر موقع "سيريا بوليتيك" اختيار أسئلة من بين مئات الأسئلة التي وصلته بالبريد الإلكتروني حول العميد المحمود، والإجابة عليها بالكشف عن المزيد - وليس الكل- من المعلومات حول هذه الشخصية من "أرشيف الخاص للموقع" وهو الأرشيف "الكنز" الذي يتضمن معلومات وصورا خاصة لم تنشر من قبل حول شخصيات وقضايا مهمة ترتبط بالملف السوري. ونؤكد مجددا أنه عندما وضعنا إعلان الحلقة الثانية من التحقيق على موقعنا راسلتنا بعض وسائل الإعلام وطلبت شراء الصور التي ذكرناها في الإعلان على موقعنا، إلا أننا رفضنا لأن غايتنا هي تناول الملف السوري بشكل مهني وصحفي استراتيجي مستقل وليس التجارة بما لدينا.
تدريبه في موسكو ..
إياد المحمود خلال الدورة التدريبية التي خضع لها في المخابرات السوفيتية "الكي جي بي" في موسكو عام 1975
تم ترفيع إياد المحمود إلى رتبة عقيد في 1/1/1987 والى رتبة عميد 1/1/1995 واستمر بها عشر سنوات حتى 1/1/2005 إلا أنه من تاريخ1/7/2000 لم يمارس أي نشاط عسكري أو سياسي حيث بقي حتى عام 2005 تحت تصرف القيادة، وقد دخل إدارة أمن الدولة في عام1974، وفي عام 1975 خضع لدروة تدريبية في موسكو من قبل جهاز الاستخبارات السوفيتية "كي جي بي" عندما كان الجهاز برئاسة يوري أندروبوف ( الصورة الجانبية تظهر إياد المحمود خلال الدورة التدريبية في موسكو عام 1975)، علما أن إياد وقبل دخوله إدارة أمن الدولة كان قد تخرج من الكلية الحربية قبل ذلك التاريخ. درس المحمود العلوم السياسية في الجامعات اللبنانية. حاليا لا يمارس أي دور سياسي أو أمني حتى لحظة كتابة هذا التحقيق الصحفي، وبالنسبة للطائفة فهو رجل علماني لا يؤمن لا بالطائفية ولا العشائرية.
إياد المحمود ومحاولات اغتياله
تفيد المعلومات الخاصة بموقع "سيريا بوليتيك" إن العميد إياد محمود "تعرض لعدة محاولات اغتيال. ففي طهران فجرت سيارته وفجرت السفارة التي كان يعمل بها كما أن أحدهم وضع له سماً في هدية عبارة عن علبة شوكولا وإن المخابرات العراقية بعد سقوط صدام اعترفت بأربعة محاولات اغتيال وكانوا يطلقون على إياد المحمود اسم (نصر) كما أنه تعرض في لبنان لأكثر من محاولة, وإن أحد عناصره في إحدى العمليات انفجرت به قنبلة موصولة بخيط داخل جارور مكتبه وقتلت العنصر وهو من سكان إدلب".
وعن الجهاز الذي كان يتبع له بدقة " هو جهاز المخابرات العامة (أمن الدولة) الذي يتبع للرئاسة, ولكنه كان تواصله مباشرا مع الرئيس حافظ الأسد، ولم يكن لإياد المحمود أي مكتب بالقصر بل كان يتردد على مكاتب القصر. إدارة أمن الدولة تتبع للرئاسة وليس لأي جهة أخرى ولم يكن لإياد المحمود أي عمل ضمن الرئاسة إلا أن استلامه لملفات حساسة في إيران ولبنان وثقة الرئيس به كانت كبيرة فكان لابد أن تكون علاقته مباشرة مع الرئاسة وهذا أدى إلى خلافه مع جميع العاملين في الملف اللبناني".
وعن علاقته باللواء المتقاعد محمد ناصيف، تقول المعلومات " لم يكن هناك علاقة معه, وكان عمل محمد ناصيف داخليا, وكان يستقبل من جميع الأطراف من الشيعة و غيرهم وحتى طائفة السيخ في الهند ويرفع تقاريره بهذا الخصوص بدون أي تكليف".
وبخصوص تعيين المسؤولين السوريين في لبنان " لم يكن لإياد المحمود أي دور في تعيين المسؤولين في لبنان، انتهت مهمته في لبنان بعد رحيل حافظ الأسد وهذا منطقي لأنه كان في لبنان تجاوزات كثيرة من السوريين واللبنانيين في تلك الفترة وكل موضوع يعالج كان يتهم به إياد المحمود بأنه وراء ذلك خاصة من قبل الإعلاميين المقربين من السلطات.. لذلك أصبح كل من هو معني بالشأن اللبناني خصماً له. والحقيقة كذلك لأنه كان يسلط الضوء على كل الأخطاء".
وتقول المعلومات الخاصة بموقعنا: إن بهجت سليمان الذي كان يشغل منصب عميد بإدارة أمن الدولة نقل من سرايا الدفاع إلى أمن الدولة عام 1986 وبقي عمله ضمن الإدارة هامشياً حتى وفاة الرئيس حافظ الأسد, وكان له طموحات وأطماع فتقرب من باسل الأسد إلا أنه توفي ولم يحصل على موقع, وبعد وفاة باسل تقرب من الدكتور بشار وكما هو معروف فإن هناك صلة قرابة بين والدة الرئيس حافظ الأسد ووالدة بهجت سليمان ( حيث أن أم حافظ الأسد تكون ابنة خالة أم بهجت سليمان) ومع ذلك لم يحصل على موقع في عهد حافظ الأسد إلا أنه حظي على ثقة وحظوة عند الدكتور بشار الأسد. وبعد وفاة حافظ الأسد تدخل في تشكيل الحكومة وبما أن له طموحات وأطماع فإنه رأى في إياد المحمود الخصم اللدود فكان من أبرز الذين أقنعوا الرئيس بذلك, ولقد لقي ذلك رغبة عند الجميع باستثناء اللواء آصف شوكت و مكاتب القصر والحرس الجمهوري وكذلك الأشخاص الذين كانوا مقربين من حافظ الأسد الذين رأوا في ذلك ليس ظلماً فقط وإنما ضرراً بالمصلحة القومية العليا, وإن الموضوع ليس سراً فإن بهجت سليمان يتباهى بذلك على أنه إنجازه العظيم الذي لم يستطع أن يحققه أحد قبله كون لم يستطع أحد نقل إياد المحمود من عمله على الرغم من المحاولات العديدة التي قام بها العديد من الشخصيات إلا أن القرار كان بيد الرئيس حافظ الأسد.
خلافاته مع المسؤولين السوريين
بدأت خلافات إياد المحمود مع بعض المسؤولين السوريين منذ زمن وجوده في إيران، ففي الوقت التي كانت علاقة إيران تقتصر على سوريا خارجياً حاول العديد من السوريين الإستفادة من العلاقة إلا أن إياد المحمود قطع الطريق عليهم جميعاً حتى التنظيمات العراقية (المعارضة العراقية و الكردية) حصرت علاقتها مع إياد المحمود, و إن معظم العلاقات السورية الإيرانية المتنوعة كانت تتم عبره.
وعندما نقل إلى لبنان بعد عشر سنوات من تواجد السوريين هناك ووجود فساد بين أطراف سورية و لبنانية كان من البديهي أن يتخذوا موقفا سلبيا ضده، فلذلك منذ اليوم الأول كان محتاطاً إلى أبعد حدود حتى إن معظم تنقلاته كانت في السيارات العامة وكان يعبر مشياً على الأقدام من بيروت الغربية إلى الشرقية في أصعب الظروف و التقى مع جميع القادة المسيحيين و المسلمين هناك. كما أنه ساهم في كشف بعض المؤامرات للقوى الحليفة لسورية، حتى يقال أن ابنه درس في الجامعة الأمريكية في لبنان و لم يلتقيه في لبنان طيلة فترة الدراسة وإن أصدقاءه لم يعرفوا أنه ابن إياد المحمود إلا بعد تخرجه.
وحول شخصيته، تفيد المعلومات أن إياد المحمود كان كتوما جداً، حتى أنه خلال عمله في لبنان لم يستطع أي من الضباط السوريين الموجودين هناك التعرف عليه شخصيا أو مقابلته، وبعد تقاعده لم يتحدث عن أي أمور سياسية مضت.
وإجابة على سؤال فيما إذا كانت مهمته في إيران انتهت بارتكابه أية أخطاء، تقول المعلومات "بعد عودته من إيران أوكلت له مهمة أهم في لبنان وهذا يؤكد أن بشكل منطقي أنه مهمته في إيران لم تنته بسبب ارتكاب خطأ ما".
وبخصوص انتهاء مهمته في لبنان، تقول المعلومات الخاصة إن" مهمته انتهت بعد وفاة الرئيس الأسد بأربعين يوم بعد أن استمرت نحو خمسة عشر عاما.
تنويه من سيريا بوليتيك: يحق لكل شخص ورد اسمه في هذا التقرير الرد عليه، وسننشر رده وفق معايير العمل الصحفي العالمية.