آراء

  • الموقف الروسي والأمريكي في الميزان

    04 يناير 2013 - 12:22 ص : محمود جديد
  • نلاحظ تصاعد الهجوم المركّز في الفترة الأخيرة على الموقف الروسي من الأوضاع في سوريّة ، وفي أحسن الأحوال محاولات وضعه في كيس واحد مع الموقف الأمريكي كموقف معادٍ للشعب السوري . وهذا التوصيف فيه الكثيرمن الظلم ، وعدم الدقّة ... وحتى يستطيع المرء توضيح الصورة لا بدّ من العودة إلى التاريخ واستعراض علاقة روسيا بوطننا العربي ، وإلقاء الضوء علىاستراتيجيتها الراهنة تجاهه.
    تشير وقائع التاريخ إلى أنّ الروس لم يكن لهم ماضٍ استعماري في الوطن العربي ، وأنّ الكنيسة الشرقية لم تساهم في الحروب الصليبية ضدّ المشرق العربي ، ولم تنشأ الصهيونية العالمية في أحضان روسيا وبظلّ ثقافتها ، ولم يكن وعد بلفور من نتاجها ... وعلى الرغم من مشاركتها في الإعتراف بالكيان الإسرائيلي ( كدولة ) في فلسطين عام ١٩٤٧ ، فإن موقفها في الأمم المتحدة بكلّ مكوّناتها بقي على الدوام أفضل بكثير من موقف أمريكا تجاه قضايانا الوطنية والقومية ، وإنْ كان لا يرقى إلى طموحاتنا .. كما أن روسيا لم تكن في يوم من الأيّام بحاجة إلى نفط الوطن العربي وغازه مثل الغرب .. ومن الثابت أنّ موقف الاتحاد السوفييتي تجاه العرب كان أفضل من موقف العرب تجاههم ، وقدّم لنا أكثر ممّا أخذ منّا ، وما أعطاه لمصر عبد الناصر بعد عدوان حزيران لم يقدّمه أحد ، ولا يجوز نسيانه .. ولهذا كلّه نستطيع القول : إن الروس ليست لهم أية مصالح أو دوافع لمعاداة الشعب السوري ..
    وإذا كان الاهتمام منصبّاً اليوم على الموقف الروسي تجاه الأوضاع في سورية ، فلا بدّ من الإشارة إلى أن موسكو حريصة على عدم تدمير سورية ، لأنّ ذلك سيلحق أكبر الضرر بالمصالح الروسية في المنطقة ، وقد تصل آثاره وانعكاساته إلى الداخل الروسي. وممّا يملي عليها هذا الموقف تخوّفُها من أن يتمكن حلفاء أمريكا - من السوريين أو المسلّحين الدخلاء المتطرفين - من تنفيذ السياسة الأمريكية في سورية. ومن المعروف أن هؤلاء يحظون بدعم إعلامي ومالي وتسليحي كبير من قبل حلفاء وأتباع واشنطن الخليجيين والأتراك.
    لقد وقف الروس دائماً ضدّ المجموعات المتطرّفة التكفيرية التي دخلت سوريّة وعشّشت فيها ، وكانوا ولا زالوا حريصين على إيجاد حلّ سياسي لإجراء التغيير الديمقراطي وإيجاد البديل الذي يصون سورية من التدمير. ونعتقد أنهم المؤهّلون أكثر من غيرهم للضغط على نظام الفساد والاستبداد من أجل ضمان ذلك ، وبضرر أقل من ترك الأمور مستمرّة في تعفّنها حتى النهاية المدمّرة لمقومات الدولة السورية . وهم الحريصون أيضاً على إقامة علاقات جيّدة مع كافة فصائل المعارضة ، ولكنّ بعض هذه الفصائل واقعة تحت هيمنة أمريكا وأتباعها، وترفض مثل تلك العلاقات بغباء سياسي منقطع النظير ، وكان ردّ أحمد معاذ الخطيب على الاقتراح الروسي للقاء مع " الإئتلاف الوطني " أحد تعبيراته الفاقعة ... والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : لو كان موقف الروس تابعاً للموقف الأمريكي فهل سيخدم قضية الشعب السوري الراهنة أكثر ؟ وهل بروز قطب دولي آخر من مصلحة الشعوب أم ضدّها ؟
    ومن الطبيعي أنْ تسعى كلّ دولة لتحقيق مصالحها في كلّ زمان ومكان ، ولكن يجب أنْ نميّز جيّداً بين المصالح المشروعة وغير المشروعة ، المؤذية لقضايانا الوطنية والقومية وغير المؤذية ، الضارة بنهوضنا التنموي أو المساعدة له .. وإذا طبّقنا هذه المعايير سنلمس الاختلاف بين مصالح روسيا وأمريكا في سورية .
    وعلى الرغم من صحّة مقولة : إنّ روسيا اليوم ليست الاتحاد السوفييتي ، فإنّ المصالح الروسية في جوهر الأمر تتقاطع في الحالتين ، لا بل أن روسيا اليوم قد تجد نفسها متحررة من تبعات الأحزاب الشيوعية المحلية وآرائها ، ومن تهمة (تصدير الشيوعية والإلحاد ) ..الخ كما أنّ تحالفاتها الدولية ( دول البريكس) ومكانتها الاقتصادية أفضل مما كانت عليه في السابق بالرغم من متاعبها الداخلية الراهنة ، وخاصّة الاجتماعية منها ..
    إن ما يدعو للاستغراب والدهشة والريبة هو الحملة المركّزة على روسيا لدى البعض والتغاضي عن الدور الأمريكي والفرنسي والبريطاني ، في مصائب أمتنا ... وكأنّ هذه الدول هي التي تحمي وتصون حقوق الشعوب ، وتدافع بصدق عن حقوق الإنسان في كلّ زمان ومكان ولوجه الله ، وأصبحت بأعينهم الملاذ الآمن ، والصدر الحنون . ويزداد المرء دهشة واستغرابا عندما تأتي ، مثل هذه الحملات من طرف بعض المرتدّين عن مبادئهم ، والذين كانوا حتى الأمس القريب الأكثر تشبّثا بالشعارات اليسارية والقومية والوطنية .



مقال سيريا بوليتيك

آراء

  • سورية وخطر المحاصصة الطائفية!

    بقلم : أكرم البني
    التفاصيل
  • كتاب مفتوح إلى فاروق الشرع

    بقلم : مسعود يونس
    التفاصيل
  • هكذا قال الأسد!!!

    بقلم : نبراس دلول
    التفاصيل
تابعونا