آراء

  • هكذا قال الأسد!!!

    07 يناير 2013 - 12:38 ص : نبراس دلول
  • يوم كنا صغاراً, كنا نقرأ في الكتب المدرسية بعض أفكارٍ قيل لنا أن لها قدسية وأنها من عصارة الفكر البشري. كانت تلك الأفكار مقتبسة من كتاب جمعها أحد " مسيحي الجوخ " إسمه إسكندر لوقا وعنونها ب (( هكذا قال الأسد)).
    طبعاً, ذلك الكتاب أصبح مرجعاً لبرامج المنظمات الشعبية على التلفزيون وللكتب المدرسية ولإفتتحيات الصحف الرسمية الثلاث ونظيراتها في المحافظات. لا أدري أين أصبح إسكندر لوقا فأخر مرة شاهدته كان على الصفحة الأخيرة من جريدة الثورة قبيل مغادرتي سوريا في العام 2008.
    اللبارحة وبشار الأسد يخطب من دار الاوبرا تذكرت هذا الكتاب وتذكرت كيف أنه ما من كتاب صدر ليقول عكس ماكان يقوله الأسد الأب أو يتجرأ على مناقشة محتواه ومقارنتها بالأداء على الأرض. كما تذكرت كم كان العنوان ملحمياً: هكذا قال الأسد. وبشئ من رد الإعتبار لماضي السوريين المقهور تلك السنوات كما اليوم, مع فارق أن قهر اليوم يصاحبه تهجير جماعي وقصف ورصاص ونزوح الى دول الجوار وعديد المأسي الأخرى, كان لابد وأنت في لحظة من رد الإعتبار أن تعنون مقالاً تناقش فيه ماجاء على لسان بشار الأسد ب" هكذا قال الأسد!!!" .
    أعتقد, وأرجو ان يوافقني أساتذة اللغة العربية والفلسفة, أن وضع ثلاث علامات استفهام بعد العنوان كافٍ لنزع القدسية المتوارثة عن خطابات الأسد الأب من خلال الإبن من حيث انها تشير الى التشكيك والقدرة على الرد أو الغرابة في تصور فحوى كلام الأسد.

    في الحقيقة, النقطة المركزية الوحيدة التي تستحق الوقوف طويلاً في الخطاب, هي قول الأسد أن لاثورة بلا مفكرين!!!؟ ولكن هل سمحت يا سيادة الرئيس ان يكون لهذه الثورة مفكرين؟ هل سمحت للعقلاء والنشطاء المدنيين أن يقودوا هم الثورة؟. نعم ياسيادة الرئيس الثورة بلا قادة لأن عبد العزيز الخير ومفيد ديوب يقبعون في سجون أجهزتك الأمنية! نعم ياسيادة الرئيس الثورة بلا مفكرين لأنك هجرت ميشيل كيلو وصادرت بيته وكل ممتلكاته وأصوله هو وكل عائلته من زوجته الى أصغر أبناءه.

    مما قاله الأسد أيضاً, أن هناك نموذجين للمصالحة تحققا في حمص ودرعا, ومن هذين النموذجين المذكورين نستطيع القول, دون الحاجة لنموذج ثالث, هل كنا بحاجة للوصول الى هذه المرحلة؟ إن أحد من كان يقود المظاهرات السلمية في حمص منذ انطلاق الانتفاضة هو الناشط المدني نجاتي طيارة والذي كان يمارس نشاطه على قدر كبير من المسؤولية من حيث ضبط ايقاع الشارع ومنع تحول الكتلة الكبيرة من المتطاهرين نحو التطرف قادمين من تيارهم المحافظ, فماذا كانت مكافئة نظام الأسد له؟ لقد تم اعتقاله لثمانية أشهر كما غيره من النشطاء المدنيين وبذلك تم تفريغ الشارع من " القادة والمفكرين" وبالتزامن مع نزل جيش الأسد الى الشوارع والنزيف نحو المعتقلات فإن الكتلة المحافظة تحولت شيئاً فشيئاً نحو التطرف والعسكرة وما الى هنالك ولن يفاجأني إن أصبح نجاتي طيارة شيخ المتطرفين بعد ذلك!! ( على فكرة قابلته في القاهرة وفاجأني أنه مازال ناشط مدني بعد تلك المعاناة)).
    في درعا, النموذج الثاني الذي أتى على ذكره الأسد, فإن تفريغ الشارع من القيادات وتشجيع الناس نحو الانخراط في التطرف من قبل سياسات الأجهزة الأمنية كان أكثر دموية, فحادثة واحدة فقط تروي لك ماسبب أن الثورة " بلا مفكرين ولا قادة " وهي حادثة إغتيال القائد " هكذا يسمى في حوران " المهندس معت العودات الذي كان على رأس المظاهرات موجهاً وقائداً لها.
    مالايعرفه بشار الأسد, أو قل مايعرفه ولكن لايريد الإعتراف به, هو أن التطرف والجهل والجاهلية موجودة في كل المجتمعات ومنها المجتمع السوري ولكن الفرق بين مجتمع وأخر هو في النسبة والتناسب للتطرف والجهل. فهناك كبير فرق بين مجتمع متطرف وجاهل بنسبة عشرة بالمئة ومجتمع أخر تعلو فيه تلك النسبة لتصل الى التسعين او الثمانين بالمئة. لذلك فإن ازدياد نسبة التطرف في المجتمع السوري سببها ليس إلهياً بل هو القمع وهدر الكرامات الانسانية وإشعار المتظاهرين بأنهم مخصيون ساعة الوقوف بين ايدي رجال الآمن.

    نعم, إن الكتلة البشرية الأكبر في الثورة السورية هي من المحافظين وهذه الكتلة تتقلص شيئاً فشيئاً للآسف, حيث نشهد حالات نزوج جماعي من هذه الكتلة المحافظة نحو التطرف والسبب الرئيسي لذلك هو القمع والقتل وهدر الكرامات وسياسات الإذلال التي مارسها النظام السوري على عموم المتظاهرين, لذلك لايحق لمن كان سبباً في مأساة أن يتسائل: هل هؤلاء ثوار.

    قال الأسد, وألمح عديد المرات الى أنه ونظامه يقمعون فقط الإرهاب!! كان بودي أن أصدق ذلك لأنني بطبعي أقف على الضد من الإرهاب, ولكن كيف لي أن أصدق ذلك وعبدالعزيز الخير المناضل الشيوعي الكبير ومالايقل عن عشرة من نشطاء حزب العمل الشيوعي هم رهن معتقلاتك. كان بودي أن أصدق أن أجهزتك القمعية تطال فقط الأعداد الكبيرة من الجهاديين لولا أن مي سكاف تصادر ممتلكاتها على يديك.

    قال الأسد, وألمح في مواضع كثيرة أن الدولة تعادي من يحمل السلاح فقط!! كان بودي أن أصدق هذا لولا أنني, وأنا المعروف بأني معارض سلمي يرفض السلاح ومصادره ويعادي العسكرة , ممنوعٌ علي الدخول والخروج من والى وطني سوريا منذ العام 2007 إلا بموافقات أمنية من ثلاثة فروع ليس أقلها فرع فلسطين.
    ----------

    المقالات تعبّر عن آراء كتّابها وليس الموقع



مقال سيريا بوليتيك

آراء

  • سورية وخطر المحاصصة الطائفية!

    بقلم : أكرم البني
    التفاصيل
  • كتاب مفتوح إلى فاروق الشرع

    بقلم : مسعود يونس
    التفاصيل
  • هكذا قال الأسد!!!

    بقلم : نبراس دلول
    التفاصيل
تابعونا