نشر موقع فضائية عربية خبرا لمراسله في لندن وقد ترجم الخبر عن صحيفة "ديلي تيلغراف" البريطانية، ويقول الخبر إن المعارضة سيطرت على الطريق الرئيسي الذي يربط دمشق باللاذقية وهو الطريق الذي يمكن أن يسلكه الأسد في حال هروبه نحو الساحل، كما جاء في الخبر المترجم.
أحد محرري "سيريا بوليتيك" لفته الخبر خصوصا لجهة قوله أن "الأسد سيسلك طريقا بريا للهروب نحو الساحل"، وهو ما دفعه للشك بأن تتورط صحيفة بريطانية بنشر هكذا خبر خاصة أن الحديث جار العام 2012 وليس العام 1940 أي أن النظام الذي يستخدم طائراته لقصف كل يوم لديه إمكانية أن يوفر طائرة مدنية تقل الأسد إلى الساحل إذا ما قرر الذهاب إليه، خاصة وأن الطريق البري لم يعد مفضلا حتى للناس العاديين بسبب فقدان الآمان عليه، فكيف سيسافر فيه الأسد نفسه.
عاد "سيريا بوليتيك" إلى تقرير صحيفة ديلي تيلغراف البريطانية، وفعلا كانت شكوك المحرر في مكانها، إذ أن الصحيفة لم تتطرق إلى طريق دمشق اللاذقية نهائيا، كما توجد أشياء في الخبر المترجم غير موجودة أصلا في التقرير الاصلي للصحيفة البريطانية:
- السياق العام للتقرير جاء في إطار التقارير التي تحدثت مؤخرا عن احتمال لجوء الأسد إلى منطقة الساحل.
- جاء في عنوان التقرير كلمة route ، والترجمة الحرفية للعنوان هي "المتمردون السوريون قطعوا طريق هروب بشار الأسد" (طبعا الصحيفة لا تقصد طريق دمشق اللاذقية وسنوضح ذلك أدناه، وإنما المقصود قطع الطريق أمام إنشائه الدولة العلوية)، وتحت العنوان أيضا "صمت يخيّم على طريق سريع كان مزدحما في الماضي وهو يمر في الجبال متجها نحو اللاذقية".
- التقرير يبدأ بالحديث عن المقاتل "أبو ياسين" في القرى السنية في جبل الأكراد، ويتحدث كيف قاد أبو ياسين سيارته في طريق في ذاك الجبل بين الجثث والدبابات المحترقة، ونقاط التفتيش التي هجرتها القوات النظامية.
- مراسل الصحيفة البريطانية يتحدث عن جبال اللاذقية ويقول إنها الأراضي التي يفكر الأسد باللجوء إليها لإقامة دولة علوية، ولكن بعد سفر المراسل في تلك الأراضي "المناطق" يقول إنه وجد أن المتمردين سيطروا على جزء كبير منها مما يجعل إقامة هذه الدولة مجرد أحلام.
- ثم يتحدث المراسل على أن المتمردين قدموا من تركيا وسيطروا على جبل الأكراد وجبل التركمان قرية تلو الأخرى، وبالتالي أصبح شمال اللاذقية تحت سيطرتهم.
- ينقل المراسل عن أحد المتمردين قوله إنهم سيطروا على ست قرى علوية وفر سكانها منها خوفا من تعرضهم للقتل.
- يقول المراسل إن معظم العائلات العلوية في تلك المناطق فرّت إلى اللاذقية، وطرطوس، وجبال العلويين التي يوجد فيها مسقط رأس الأسد "القرداحة".
- ثم يصف المراسل القرى العلوية المهجورة ويقول إن آثار الرصاص والقصف ظهرت على جدران منازلها.
- ينقل المراسل عن أحد المراسلين قوله إنهم للسيطرة على جبال العلويين والتوجه نحو اللاذقية وذلك لمنع إقامة دولة علوية لأنها إذا ما قامت يمكن أن تشجع الاقليات الأخرى على المطالبة بدول خاصة بها أيضا.
- يقول المراسل إنه سيكون من الصعب منع عمليات الانتقام من العلويين، ونقل عن رجل دين قوله "أنا متأكد من أنه ستحصل مجازر وأعمال انتقام سيئة ضد العلويين عندما نصل إلى اللاذقية، فالنظام حولنا إلى أعداء في العامين الماضيين، ولكن أنا ورجال دين أخرون نحاول أن نوقف ذلك ولكننا غير متأكدين من أننا سننجح ".
هذه كانت أبرز نقاط تقرير الصحيفة البريطانية.
ماذا جاء في ترجمة موقع الفضائية العربية، مع تعليق من "سيريا بوليتيك" سيأتي ضمن قوسين:
- كشفت جريدة "ديلي تلغراف" البريطانية أن الطريق السريع الذي يربط العاصمة دمشق بمدينة اللاذقية الساحلية الرئيسية قد وقع تحت سيطرة الثوار بشكل كامل، وغابت عنه كافة مظاهر النظام، وأصبحت "نقاط التفتيش التابعة لقوات الأسد مهجورة بالكامل". (الصحيفة تحدثت عن منطقة شمال اللاذقية، ولم تأت أبدا على ذكر طريق دمشق اللاذقية، كما أن السوريين يعرفون أن المسافر من دمشق إلى اللاذقية وطرطوس والساحل عموما لا يمر في شمال اللاذقية، القريب من تركيا، لأن دمشق هي في الجنوب وليس في شمال البلاد).
- .. وهو الأمر الذي يصبح تنفيذه غير ممكن في حال تمكن الثوار من الحفاظ على سيطرتهم على الطريق الرئيس المؤدية إلى الساحل، وتمكنوا أيضاً من السيطرة على الطرق الأخرى البديلة. ( نفس الملاحظة أعلاه، لم يرد ذكر طريق دمشق اللاذقية في التقرير).
- وتؤكد الصحيفة البريطانية المعلومات التي تتحدث عن أن بشار الأسد سيلجأ إلى سلسلة الجبال الساحلية المطلة على البحر الأبيض المتوسط ليخوض منها معركته الأخيرة بعد هروبه من دمشق، وأنه سيتحصن في واحدة من البلدات الساحلية التي يسكنها "علويون" بالقرب من مدينة اللاذقية أو طرطوس، إلا أن "ديلي تلغراف" تقول بأن المفاجأة التي اكتشفتها هي أن الطرق المؤدية إلى هناك أصبحت تحت سيطرة الثوار وغاب النظام عنها. ( ديلي تيلغراف تحدثت عن شمال اللاذقية حصرا).
- وتقول "الديلي تلغراف" إنها تجولت في العديد من البلدات العلوية الساحلية في سوريا، والمرشحة لأن يهرب إليها الأسد بعد سقوط دمشق، فوجدت أن غالبية السكان قد غادروها بالفعل، بما في ذلك مدينة القرداحة التي تعود إليها أصول عائلة الأسد.( التقرير قال إن هناك عائلات فرّت من شمال اللاذقية نحو اللاذقية وطرطوس وجبال العلويين حيث توجد القرداحة، ولم يقل إن سكان القرداحة قد غادروها، ولو حصل ذلك لكان خبرا عاجلا في وكالات الأنباء العالمية).
وبالتالي، خبر الصحيفة البريطانية عندما تحدث في العنوان عن قطع الطريق أمام هروب الأسد، فهو يتحدث عن قطع الطريق أمام إنشاء "دولة علوية" بسبب سيطرة المتمردين على شمال اللاذقية، كما تقول الصحيفة، وليس قطع طريق "دمشق-اللاذقية".
تنويه سيريا بوليتيك: منعا للاصطياد في الماء العكر، يؤكد سيريا بوليتيك أن كشفه مثل هذه القضايا ليست غايتها الدفاع عن النظام السوري، أو سياساته، فنحن وسيلة إعلامية مستقلة وسنبقى كذلك والاعلام المستقل لا يخضع إلا لسلطة قرائه وجمهوره، وسنبقى نتبنى قدسية حرية العمل الصحفي. ولكن كنا، ولانزال، نحاول أن نكون الأكثر دقة في التعاطي مع الشؤون السورية. وأي وسيلة إعلام في العالم تسعى لإدانة النظام السوري يمكنها أن تفعل ذلك من خلال ملف انتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة وعبر الاعتماد على تقارير وإحصائيات الهيئات الحقوقية العالمية الرصينة، وليس نشر معلومات عن أشياء لم تحصل بعد، وقد تحصل غدا، وعندما تحصل من الطبيعي أن يتم نشرها، أو نشر ترجمات خاطئة، مع إدراكنا المسبق بأن بعض وسائل الاعلام تتورط في هكذا نوع من الأخبار في أحيان كثيرة عن دون قصد. تقريرنا ليست غايته إدانة وسيلة إعلامية، أو زميل إعلامي، بل بالعكس سندافع دائما عن حرية كل وسيلة إعلامية وكل صحفي.