آراء

  • الأخضر الابراهيمي لديه خطة

    26 أكتوبر 2012 - 04:32 م : شهاب عبدكي
  • منذ تسلمه الملف السوري كموفد دولي ، لم يطرح خطة محددة أو نقاط معينة ، فالوضع في سوريا بات خطيراً سواء في الداخل أو على المجتمع الدولي ، فالجمود الذي سيطر على الحالة السورية طيلة العقود الماضية تحرر السوريون منها ، والثورة التي انطلقت سلمية تحولت مع مرور الزمن وبضغط النظام الذي استعمل القوة في بعض المناطق إلى مسلحة ، كما أن الساحة السورية أصبحت نافذة لمشاريع ومصالح دولية ، وباتت الحالة مفتوحة على أكثر من خيار إذا لم يتفق السوريين أنفسهم على كيفية الخروج من الازمة ، وعلى خلاف كوفي عنان الذي جاء بنقاطه الستة والتي أصبحت محلَ جدلٍ وردود أفعالٍ متباينة ، خلقت صعوبات ومعوقات لم يستطع التخلص منها بحنكته السياسية إلى أن قدم استقالته من المهمة ، الأخضر الابراهيمي صرّح ببعض الأراء التي تدغدغ مواقف جميع الأطراف سواء المعارضة بجناحيه الراديكالي والوسطي أو النظام ، كي يجس نبض الشارع السوري عامة في حال اقترح مشروعاً أو نقاط محددة للخروج من الأزمة .
    وقبل أن يقترح الهدنة أو يقرر ذلك كانت له جولات في عدة عواصم التي لها صلة مباشرة وغير مباشر بالأزمة السورية ، وجاء قراره بالهدنة كمشروع سياسي وليس مجرد وقف النزاع لفترة محددة بين طرفين متحاربين بمناسبة العيد ، لذا لا يمكن فصل الهدنة عن مشروع متكامل قد يُطرح في الأيام المقبلة ، وقد تأتي بعدها هدنة أخرى يُطالب بها حتى يستفيد من الوقت المتاح ، ويوفّـر لنفسه مظلة دولية تؤيد مشروعه ، أعتقد ان الابراهيمي لن يطرح حلاً جذرياً ويفتح سجالاً سياسياً بين الأطراف المتنازعة داخلياً بالإضافة إلى الأطراف الإقليمية والدولية ، ريما يكون الوضع في سوريا بحاجة إلى حلول تراتيبية كي يبعد عن مشروعه شبح الاستنفاذ المبكر ، فافتراض أن يطرح الابراهيمي حلاً يرضي كل الاطراف دفعة واحدة سيلاقي صعوبة ، وإن صح القول لن يلتزم به أحد وسوف تستمر الأزمة وسيلاقي الابراهيمي مصير كوفي عنان ، وهو يعلم أن الوضع في سوريا بحاجة إلى تسوية سياسية لأسباب متعلقة بالوضع الداخلي والإقليمي والدولي ، ومن خلال لقاءاته أعتقد أنه أخذ صورة واضحة لكل ما يتصل بتعقيدات الأزمة .
    ما طرحه الابراهيمي يعطي انطباعاً بأنه أدرك حجم التطرف الذي يمتاز به الطرفان المتنازعان ، فالنظام لن يتنازل عن السلطة ولا يقبل حواراً في هذا الجانب وسيحارب من أجل البقاء ، دون أي اشارة لتقبّله بحلول ولو كانت جزئية ، وما يقويه تلك الدول التي تسانده بالعناصر والعتاد والمعلومات والمال ، ومن الطرف الثاني القوى المسلحة من الجيش الحر والمجلس العسكري والتي تلاقي الدعم المعنوي والسياسي والمالي من بعض الدول ، بالتالي هي مؤهلة أن تستمر لفترة طويلة في محاربه النظام ومن جبهات عديدة ، بمعنى الطرفان غير معنيين بالحلول الجزئية ، مما يصعّب مهمة الموفد الدولي ، وهنا كان ذكاءً من الابراهيمي انه لم يطرح الحل بل طرح هدنة .
    إذا نجحت الهدنة سيسعى إلى ضبط الأمور ووقف حالة الحرب المتصاعدة ، ومن ثم سيبحث في كيفية كسب الطرفين إلى جانبه بعيداً عن المؤثرات التي رافقت النزاع ، كي يطرح فكرته بموافقة الجانبين وليس عبر الصحافة ، بغض النظر عن المؤثرات الخارجية التي قد تكون لها دور في افشال الخطة ، ومن المنصف أن نقول ان هذا الرجل يمتلك رؤية استراتجية بعيدة المدى ، وله شخصية مميزة في عالم السياسة ، إذا فشلت جهوده الازمة سوف تنتقل إلى مرحلة اكثر تشدداً وأكثر خطورة .
     



مقال سيريا بوليتيك

آراء

تابعونا