مقال سيريا بوليتيك

  • "مجزرة حماة" و"الشبيح روبرت"..و"هيئة التنسيق المجوسية" !

    10 فبراير 2013 - 07:03 م : هيئة التحرير
  • مرت منذ أيام ذكرى "مجزرة حماة"، التي وقعت في الثمانينات إبان المواجهة بين النظام والإخوان، عندما لم يكن هناك تويتر ولا فيسبوك أو إنترنت عموما، ولا محطات فضائية تغطي ما جرى. إلا أن أول صحافي دخل حماة آنذاك وكتب ما جرى، هو الصحفي الغربي المخضرم روبرت فيسك، فكان فيسك بمثابة "فضائية وفيسبوك الثمانينات".

    فيسك، نفسه، كتب منذ فترة بعض المقالات التي لم تعجب المعارضة، حيث كشف وتناول بعض الأشياء حول بعض أطراف المعارضة، فقام بعد مثقفي ومفكري وكتاب - نقول بعض- باتهام فيسك بأنه "شبيح" وعميل للنظام السوري.

    متى نتخلص من هذه العقلية التخوينية، والاتهامية ؟

    وفي نفس السياق، كان يتم اتهام هيئة التنسيق مثلا بأنه "تخون الثورة" وبأنها "هيئة مجوسية عملية لإيران وأيضا لروسيا" لأنها كانت تلتقي مسؤولين من إيران وروسيا.

    بعد أشهر على اتهام هيئة التنسيق بتلك الاتهامات، طرح السيد معاذ الخطيب مبادرة تفاوضية مع النظام، والتقى الايرانيين والروس، فقام نفس الأشخاص الذين خونوا هيئة التنسيق، بوصف خطوة السيد الخطيب بأنه "واقعية سياسية". علما أن هيئة التنسيق، وعندما أعلن الخطيب مبادرته، لم "تفتّش" في "سجّل" الحملات التخوينية ضدها، بل رمت هذا السجل خلف ظهرها، ورحبت بمبادرة الخطيب.

    بإمكان أي شخص، وطرف، أن يرفض أي حل للأزمة السورية، ويقلب الطاولة دائما، وينشر صراخه على جميع الفضائيات، ويدعو للسلاح والحرب كل ساعة، ولكن هل يوقف هذا الأمر تمزق سوريا التي نحب، وتشتت أهلها، ودمارها اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا؟

    كما أن الشجاعة لم ترتبط فقط بالدعوة للقتال والحرب واتباع سياسة "رد الصاع صاعين"، بل كان دعاة "المقاومة المدنية السلمية" والتسامح هم الأكثر شجاعة عبر التاريخ السياسي للعالم الذي نعيش فيه. إن قيم التسامح ليست أمرا سهلا، بل هي قمة في الشجاعة أن يقبل الإنسان على التسامح وقبول الآخر، خاصة إذا كان هذا الإنسان مظلوما.
    إن الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا لم يصبح زعيما تحترمه البشرية قاطبة لأنه قضى ثلاثين عاما في السجن، فهناك الكثيرون في العالم الذي قضوا أكثر منه، بل لأنه تمكن في لحظة تاريخية معينة من أن يصفح عن سجانيه وهم نظام الفصل العنصري، ويشترك معهم في عملية سياسية، وبالتالي تمكن من وقف جميع عمليات الانتقام التي يمكن أن تحصل ضد أصحاب البشرة البيضاء الذين كانوا يحكمون بلده، وأنقذ بلاده ونقلها إلى مراتب الدول المتطورة، ثم تخلى عن الحكم.

    إن سوريا المتعددة والغنية بطوائفها وقومياتها، وبأقلياتها، وأغلبيتها المسلمة المعتدلة، هي اليوم بحاجة إلى تفكير وعقلية تقلّد مانديلا، وليس عقلية التخوين والتهميش ورفض الآخر.

    قد لا يتفق الكثيرون مع هذا الطرح، ولكن هو مجرد رأي قد يخطئ وقد يصيب، ومن حق أي سوري أن يقبله أو يرفضه وينقده، وهذا ما نحن بأشد الحاجة إليه اليوم، أن نطرح آراءنا ونختلف، ولكن خلافنا يبقى سلميا ووديا من أجل سوريا وليس ضدها.
     



مقال سيريا بوليتيك

أكثر الأخبار قراءة

    آراء

      تابعونا