مقال سيريا بوليتيك

  • ‫دراما سوريّة... عندما يتم استبدال الجمهور بـ"الكومبارس": "كنت على اتصال بالمعارضة قبل انشقاقي"!

    26 ديسمبر 2012 - 12:34 م : هيئة التحرير
  • كلما انشق مسؤول من النظام السوري، يصرّح بأنه كان على تواصل مع المعارضة السورية قبل الانشقاق.

    إذا انشق مسؤول مخابراتي يقول إنه كان على تواصل مع المعارضة قبل الإنشقاق. حقيقة لا نعرف كيف كان على تواصل مع المعارضة عبر الهاتف أم عبر الكرباج حيث يوجد في فرعه أو سجونه نشطاء ؟ فهل كان يمسك سماعة الهاتف باليد اليسرى ويتصل بالمعارضة ويقول لهم أنا معكم، وبيده اليمنى يمسك كرباجا يضرب فيه السجناء من المعارضين السياسيين ؟!؛

    إذا انشق مسؤول من أي جهات أمنية، أو شرطة، أو جهات عسكرية، يقول إنه كان على تواصل مع المعارضة (إذا كان كذلك من يعتقل ويقيم الحواجز وتتهمه المعارضة بتعذيب الشعب ؟!؛

    إذا انشق مسؤول مدني من مجلس الشعب، أو الحكومة، يقول إنه كان على تواصل مع المعارضة (كل الوزراء وأعضاء مجلس الشعب حبابين وأوادم ويحاربون الفساد ويساعدون الشعب سرا!)؛

    لم يعد ينقصنا بعد إلا أن ينشق الأسد ويقول أنه كان على تواصل مع المعارضة قبل الانشقاق!

    هل هي حالة مرضية نفسية تحتاج وقفة تأمل في بلدنا الحبيب: الكل معارضة، والكل معارضون، وحتى النظام من رئاسته إلى أجهزته معارضون، ولكن لا أحد يعلن معارضته الآن لظروف قاهرة.

    يا خوفنا أن نستيقظ غدا ونجد النظام معارضة، والمعارضة معارضة، وكلاهما يوجّه التهمة لأبناء الشعب "المعتر والفقير والمسكين" بأنه هو النظام!

    كل إنسان حر بخياراته في حياته؛ فهو إذا شاء قفز من سفينة يعتقد أنها تغرق ليصعد إلى سفينة أخرى، وهو إذا أراد قال ما يريد من آراء وقناعات. نحن لسنا ضد قناعات وآراء الناس، وتبدلها وتغيرها وفق أوضاع "الطقس السياسي".

    لكن يجب على هذا المنشق أن يقول صراحة، بعد انشقاقه، ويحدد الجهة المعارضة التي كان ينسق معها ويتصل بها قبل انشقاقه، ويوضح تفاصيل دوره خلال وجوده في منصبه، وما هي المهام التي كان يقوم بها، وألا يدعي بأنه كان حمامة بريئة بين قطيع من الذئاب، وأنه كان يتحين الفرصة حتى ينشق.

    ليقل لنا: يا جماعة أنا رأيت النظام يهوي فقررت القفز منه، لأحجز مكانا لي في المرحلة المقبلة، أفضل من أن يدعي بأنه مرهف المشاعر وإنساني أكثر من السجناء المعتقلين لديه.

    إنه مشهد كارثي، درامي: أناس استفادوا من النظام، سرقة وتهريبا، وتعذيبا للناس، وكونوا ثروات، أو حصدوا وظائف عالية، و"حلبوا" خزائن الدولة حتى أخر ليرة، وفجأة نراهم معارضين يريدون الديمقراطية وينتقدون النظام الذي كانوا جزءا من فساده على مدار العقود الماضية.

    هل علينا كسوريين أن نتكيّف مع واقع جديد: من كان يقمعنا بالأمس ويتهمنا بوهن نفسية الأمة ومعاداة الاشتراكية ونشر أنباء كاذبة، هو نفسه الذي سيقمعنا غدا – بعد أن انشق ووضع قناعا جديدا- باسم الحرية والديمقراطية. يبدو أنه تم تغيير ديكور المسرح، وخشبته، ونص المسرحية، إلا أن المخرج والممثلين هم أنفسهم لم يتغيروا. ومن يسأل أين هو الجمهور، نقول له: أصلا لم يكن هناك جمهور، لأن الجمهور (عامة الشعب) سيبقون دائما في دائرة الاتهام، وهم الضحية دائما، ولذلك ليس هناك جمهور، فقد "تآمر" المخرج والممثلون عليهم، واستعانوا ببعض الكومبارس للجلوس في مقاعد الجمهور الشاغرة !
     



مقال سيريا بوليتيك

أكثر الأخبار قراءة

آراء

  • رؤية في الحل

    بقلم : د.محمد عبدالله الأحمد
    التفاصيل
  • دوافع وأهداف العدوان الإسرائيلي على مركز البحوث في جمرايا

    بقلم : محمود جديد
    التفاصيل
  • العنف والمثقفون في سوريا: بين أوهام التلفيق البهيجة وحقائق التاريخ الفاجعة

    بقلم : محمد حيان السمان
    التفاصيل
تابعونا