مقال سيريا بوليتيك

  • خبر عاجل: النظام السوري ينشقّ ويشكّل نظاما جديدا..وديمقراطيا !

    06 ديسمبر 2012 - 02:02 م : هيئة التحرير
  • لن يكون أمرا مفاجئا إذا شاهدنا شخصية جديدة، كانت تعمل على مدار السنوات السابقة، مع نظام دمشق، وهي تعلن فجأة أنها انشقت. كثيرون انشقوا من السلك الدبلوماسي، إلى القطاع العسكري، والاقتصادي، والأمني.

    والقاسم المشترك، بين عدد كبير منهم، أنه لم يقم أي منهم بمراجعة ونقد لفترة عمله مع النظام، ولم يعتذر من الشعب، ولماذا أصلا عليه أن يقوم بنقد نفسه أصلا إذا كانت الأحضان سرعان ما تتلقفه بحنان ورعاية غير مسبوقين لمجرد أن انشق عن النظام، واللافت أن كل منشق يقوم بصب كل أنواع اللعنات على النظام ولكن لا يخبرنا لماذا بقي معه كل الفترة الماضية، ولا يقدم اعتذارا لفترة بقائه مع هذا النظام "الملعون" بكل أنواع اللعنات من قبل المنشق.

    كان الإنشقاق في في الستينات، وما قبلها، يتطلب على الاقل ركوب دبابة ضد دبابة النظام، أو الاعتلاء على عرش الإذاعة الرسمية، ولكنه اليوم أصبح أقل كلفة: مجرد بضعة أسطر على صفحة شخصية على الفيسبوك، أو عدة تغريدات على تويتر، كفيلة بأن تمحي الماضي الأسود لهذا الشخص المنشق وتمنحه ثيابا نظيفة وصك غفران مدى الحياة.

    وما أن ينشق شخص، حتى يسارع معارضون إلى الترحيب والترويج له بأنه سيتولى حقيبة كذا في الحكومة الانتقالية القادمة، وهكذا حتى ينشق جميع أعضاء النظام، فردا تلو الأخر، ويشكل النظام نفسه، الذي "كان تنصب عليه اللعنات بالأمس"، نظاما جديدا رومانسيا، وطيبا، وديمقراطيا !

    ماذا عن الشباب الشجعان، الذي امتلكوا شجاعة غير مسبوقة عندما قادوا أول المظاهرات في سوريا، ومنهم من ذهب إلى السجن، أو ضحى بنفسه في سبيل قيم يؤمن بها ؟ شجاعة أؤلئك الشبان – الذي قرروا التظاهر – في البداية، بعد عقود من الخوف عمت البلاد، هي الشجاعة الحقيقية لأن ضريبتها كانت عالية وعالية جدا.

    تخيلوا أن من شارك في قمع هؤلاء الشباب وسجنهم، وتشويه سمعتهم، في البداية، هو نفسه من سيشارك في الحكم الديمقراطي القادم إلى البلاد، لأنه انشق، متأخرا، عن النظام.

    والفاجعة الكبرى، عندما ينشق شخص لم يترك شيئا إلا وفعله خلال وجود مع النظام (من سرقات وفساد وعلاقات أمنية مشبوهة وتعذيب وقهر) يصبح بطلا وطنيا ديمقراطيا يريد الخلاص للشعب السوري، فيما إذا قام شخص -يعارض النظام منذ ثلاثين عاما وقضى نصف عمره في السجن أو متواريا عن أعين المخابرات – بتوجيه نقد لسلوك المعارضة، أو التعبير عن قناعاته بشكل سلمي، يتم نبذه من قبل المعارضة التي تتهمه بأنه "عميل للنظام والمخابرات وشبيح طائفي"، والمصيبة الكبرى عندما تصدر الاتهامات عن شخصية منشقة حديثا أصبحت تقيّم المعارضين القدماء.

    تخيلوا هذا المشهد: نفس الجلاد، الذي كان يجلد ظهور المعتقلين خلال العقود الماضية أو يجلدهم إعلاميا عبر الإساءة إلى سمعتهم، هو نفسه اليوم "انشق" وأصبح طهرانيا شريفا ويمارس مهنته القديمة وهي جلد نفس المعارضين الذين جلدهم بالأمس !

    أجمل عبارة يقولها الناس عندما يذهبون للقيام بواجب العزاء هي "البقاء لله"، ولذلك على مؤيدي أي نظام سياسي أن يدركوا أن "البقاء لله" وحده، ولا يوجد شخص يمكن أن يُخلّد، وهذه هي صيرورة الحياة. لكن أيضا، وبالمقابل، على قسم بارز من المعارضة أن يدرك أيضا أن "تبديل الطرابيش" لا ينفع، فالشعب الذي كسر حاجز الصمت، صار قادرا على كسر حاجز الصمت في أي وقت، وإذا كنتم تريدون تكرار نفس تجربة النظام على ظهر الشعب المقهور، لن تجدوا تطبيلا وتصفيقا لكم، وانظروا ما يحصل في مصر الآن.

    قد يكون كلامنا بلا جدوى، خاصة وأننا نقرأ حتى لحظة كتابة هذه السطور أن قسما مهما من المعارضة يرحب بانشقاق أناس قهروا الشعب وشاركوا في تضليلهم، فيما يرفض "هؤلاء المعارضون" الحوار مع معارض قضى في السجون عشرات السنوات، في تعذيب وألم وقهر، وسنوات أخرى ملاحقا من المخابرات، لا بل يشنون عليه هجوما ويتهمونه بأن "شبيح طائفي"!.
     



مقال سيريا بوليتيك

أكثر الأخبار قراءة

آراء

  • رؤية في الحل

    بقلم : د.محمد عبدالله الأحمد
    التفاصيل
  • دوافع وأهداف العدوان الإسرائيلي على مركز البحوث في جمرايا

    بقلم : محمود جديد
    التفاصيل
  • العنف والمثقفون في سوريا: بين أوهام التلفيق البهيجة وحقائق التاريخ الفاجعة

    بقلم : محمد حيان السمان
    التفاصيل
تابعونا